خطة أم انقسام.. لماذا تتعدد ساحات وأوقات التظاهر في بغداد؟

كنوز ميديا / تقارير / متابعات

ساعات وتنطلق تظاهرات حاشدة في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات الأخرى، لكن التجمعات هذه المرة ستكون في ساحات مختلفة من العاصمة، وليس في ساحة التحرير إيقونة تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019 كما جرت العادة، ما عده بعض الناشطين دليلا على “الانقسام” لدى قادة التظاهرات، فيما اعتبره آخرون خطة لـ”تشتيت” القوات الأمنية في حال قررت قمع التظاهرات.

ويقول الناشط المدني منتظر بخيت في حديث ، إن “اجتماعا عقد قبل يومين وطرحت خلاله الكثير من الاراء وتم الاتفاق على تنويع الأماكن وهي ساحات التحرير والفردوس والنسور، وذلك بهدف التشتيت في حال تعرضت إحدى التظاهرات للقمع فان الأخرى تواصل التظاهر”.

ويضيف بخيت، أن “التجمع الرئيسي سيكون في ساحة التحرير كما جرى الاتفاق، وهو جزء من خطة وضعها المتظاهرون، حيث ان بعضهم لا يستطيعون الوصول إلى ساحة التحرير بسبب الإجراءات الامنية، كما ان بعض المتظاهرين من المحافظات لا يمكنهم ايضا الوصول للتحرير بشكل مباشر، وبالتالي فان تعدد الأماكن سيتيح الفرصة للجميع بالوصول إلى هذه الأماكن المحددة”.

ويتابع أن “الانشقاقات غير موجودة، وأن الجميع سيشارك بالاحتجاجات، ولكن ما يحدث هو ترويج من قبل بعض الجيوش الإلكترونية التابعة لجهات معادية للحراك، كما أن بعض التظاهرات ستنطلق في مختلف محافظات العراق والهدف واحد منها”، مبينا “تعودنا على اسلوب القمع، وعلى الحكومة أن تعي بأن هذه الأساليب لن تجدي نفعا، بل ستزيد الحرقة، وكذلك نتمنى من الحكومة أن لا تخطو خطوة حكومة عادل عبد المهدي في تظاهرات تشرين الماضية وما جرى بعدها من تصاعد للاصوات”.

ويؤكد أن “الأمر الآن مرهون بيد الحكومة والقوات الامنية، عليها أن لا تسمح بدخول السلاح المنفلت للمليشيات داخل ساحات التظاهر”، مضيفا “أننا وجهنا بالسلمية ورفع الرايات الموحدة ومطالبنا ايضا واضحة ومعلنة، وهي تسليم قتلة المتظاهرين وإعلان نتائج اللجان التحقيقية، حيث بات لدينا أكثر من 36 ناشطا تم اغتيالهم، والفاعل مجهول”.

واعتبر ناشطون في تقرير سابق أن تظاهرات اليوم 25 ايار مايو الحالي، ستكون مفصلية ومشابهة لـ”تظاهرات تشرين 2019″، بل بمثابة اعلان لعودتها، عازين الأمر الى استمرار عمليات الاغتيال للناشطين، وآخرها اغتيال رئيس الحراك المدني في كربلاء ايهاب الوزني.

وقد شهدت فجر اليوم، مدينة الناصرية في ذي قار، تظاهرات ادت الى اغلاق مقر القائممقاية في قضاء الفهود، فضلا عن قطع بعض الطرق في المدينة، وذلك قبل الموعد المحدد لانطلاق التظاهرات.

وتأتي هذه التظاهرات على خلفية اجتماع عقد في كربلاء قبل نحو اسبوع، بين قادة الحركات السياسية المنبثقة من تشرين، حول المشاركة في الانتخابات من عدمها، في ظل اعلان اكثر من حركة عن مشاركتها رسميا في الانتخابات وتقديم مرشحيها.

وقد شهد الاجتماع في وقتها جدالا حادا بين قادة الحركات، وانتهى بالاعلان عن تظاهرات 25 ايار، وتضمن البيان “الزحف الى بغداد” بهدف الكشف عن قتلة المتظاهرين و”اسقاط النظام”.

الى ذلك، يبين القيادي في حزب البيت الوطني، علي المعلم في حديث صحفي، أن “موضوع تنوع أماكن التظاهر هو جزء من المناورة والاليات لتوخي عمليات القمع المستمرة وان لا تتكدس القوات الامنية في مكان واحد”.

ويشير المعلم الى أن “هذا جزء من التكتيك، حيث شاهدنا سابقا تكدس القوات الامنية في أماكن التظاهر، وبالتالي فان تعدد الاماكن هو جزء من خطط جديدة تتخذها تنسيقيات التظاهرات”، لافتا الى أن “القمع متوقع، حيث لا تزال الكتل والميليشيات تدفع بالقوات الامنية لأن تكون هي وسيلة قمع التظاهرات، وهذا الاسلوب تم العمل به منذ بداية تظاهرات تشرين ولليوم”.

وينوه، قائلا “سنشهد الكثير من القمع في قادم الأيام، حيث أن الكتل تحشد للانتخابات، ولا تريد تعكيرها، كون هذه التظاهرات ستبعثر كل أوراق الانتخابات المقبلة”، مضيفا أن “مشاركة بعض القوى التشرينية بالانتخابات هو جزء من التكتيك السياسي، حيث أن بعض القوى ستجازف بالوصول للعملية السياسية وهي تعتقد بانها ستغير من خلال اخذ مجموعة مقاعد برلمانية لتشكيل قوى معارضة وهو نوع من انواع الضغط”.

ومن وجهة نظر مغايرة، يشير احد الناشطين في ذي قار، رافضا الكشف عن اسمه الى أن “تنويع أماكن التظاهر دليل على عدم التنظيم، وأن التبرير الذي يطلقه البعض ما هو الا محاولة للتغطية على الانقسام الحاد بين بعض التنسيقيات، وقد تجلى ذلك في اختلاف الموقف من المشاركة في الانتخابات”.

ويوضح الناشط الذيقاري في حديث أن “قرار التنويع ينبع من أن بعض أحزاب تشرينية مختلفة بالرأي فيما بينها، لذلك قررت هذه المجاميع ان تخرج في اماكن متعددة”، مبينا أن “جميع المتظاهرين القادمين من المحافظات سيتجمعون في ساحة النسور بالعاصمة بغداد”.

وكان اتحاد طلبة بغداد، اصدر مساء أمس الاثنين، بيانا بعنوان “نفير الثورة”، دعا فيه الى النزول الى ساحات التظاهر والانتشار في جميع أماكن التظاهر، داعيا لـ”الانتشار في جميع ساحات احتجاج بغداد، فكُلُّها واحد، كُلُّها تحريرُ الأمسِ وتغييرُ غدٍ المَنشود”.

ومن المفترض ان تنطلق التظاهرات في ساحات التحرير والفردوس بجانب الرصافة في بغداد، والنسور في جانب الكرخ، وباوقات مختلفة، بين العاشرة صباحا والثالثة ظهرا.

يشار الى ان “تظاهرات تشرين” جوبهت بقمع عنيف من قبل الاجهزة الامنية، ما ادى الى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة 25 ألفا آخرين، فيما استمرت عمليات الاغتيال طيلة الفترة الماضية، وسقط ضحيتها العشرات من الناشطين البارزين، دون أن تكشف الحكومة عن الجهات التي تقف خلف عمليات الاغتيال، رغم ان الكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين، كان من ابرز الوعود التي كررها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي منذ تسنمه منصبه قبل عام من الان.

من جانبه، يرى الناشط المدني سلام غالب في حديث أن “الجميع متفق على هدف واحد وهو المطالبة الجدية بوضع حد للخروق الامنية المتكررة التي تستهدف الناشطين والمتظاهرين على الرغم من الاختلاف الواضح في تحديد ساحة واحدة للتظاهر، إذ سيطالب الجميع بالتأكيد على المطالب التي نادت بها احتجاجات تشرين”.

ويعزو غالب، اختلاف المتظاهرين على أماكن التظاهر الى “عدة اسباب، أهمها دعوات التظاهر التي صدرت من عدة ناشطين بارزين، وهو ما أدى الى اعلان كل مجموعة عن تحديدها ساحة للتظاهر”.

وتعد ساحة التحرير، المركز الاساس للتظاهر في بغداد والعراق بشكل عام، وتحولت في تظاهرات تشرين الاول اكتوبر 2019 الى أيقونة للتظاهرات التي عمت معظم المحافظات الجنوبية والوسطى، وأصبحت ساحة لنصب خيام الاعتصام وتم قطع الطرق المحيطة بها، وفيها جرت اغلب عمليات العنف ضد المتظاهرين، بالاضافة الى مقترباتها، كساحتي الطيران والخلاني.

فيما يلفت متظاهر من بغداد رفض الكشف عن هويته في حديث لـ”العالم الجديد”، الى أن “التحشيد للتظاهرات كبير جدا، وأن الحافلات التي تقل المحتجين وصلت الى العاصمة بغداد، وستشارك بكثافة في الساحات المعلنة للمشاركة وهي التحرير، والفردوس، والنسور”.

وينبه الى أن “أية محاولة من قبل السلطات بقطع الطرق أمامنا، فاننا سنكون جاهزين للانتقال الى الخطة B، وهي اللجوء الى ساحات فرعية بديلة في بغداد، لن نعلن عنها إلا في حينها”.

وأطلق ناشطون دعوة للتظاهر في 25 أيار مايو الحالي، احتجاجا على استمرار “استهداف المتظاهرين”، فيما رفع بعضهم شعارات تطالب بـ”إسقاط النظام”، كرد فعل على اغتيال الناشط البارز إيهاب الوزني، في التاسع من أيار مايو الحالي أمام منزله في محافظة كربلاء، الأمر الذي تبعه تصعيد من قبل المحتجين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى