كنوز ميديا / تقارير / دولي
مبادرة “حزام واحد” الصينية باتت تشغل الفكر الأوربي ومراكز اتخاذ اقرار والدراسات الاستراتيجية في أوروبا وأمريكا، والتي تسمى أيضاً مبادرة الحزام والطريق، وهي مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية.
وتم دمج المبادرة في دستور جمهورية الصين الشعبية في عام 2017، وتصف الحكومة الصينية المبادرة بأنها “محاولة لتعزيز الاتصال الإقليمي واحتضان مستقبل أكثر إشراقًا”. كما أن تاريخ الانتهاء المستهدف للمشروع هو عام 2049 والذي سيتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
وكُشف عن مبادرة شي جين بينغ في أيلول وتشرين الأول 2013، خلال زيارات إلى كازاخستان وأندونيسيا، وتم تتويج ذلك من قبل رئيس الوزراء لي كه تشيانغ خلال الزّيارات الرّسميّة إلى آسيا وأوروبا. وكان التركيز الأول على الاستثمار في البنية التّحتيّة، والتّعليم ومواد البناء، والسّكك الحديديّة والطّرق السّريعة، والسّيارات والعقارات، وشبكة الطّاقة والحديد والصّلب.
والأهداف المعلنة هي “بناء سوق كبير موحد والاستفادة الكاملة من الأسواق الدولية والمحلية، من خلال التبادل الثقافي والتكامل، لتعزيز التفاهم والثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء، وينتهي الأمر بنمط مبتكر مع تدفقات رأس المال وتجمع المواهب. وقاعدة بيانات التكنولوجيا.
وتعالج مبادرة الحزام والطريق “فجوة البنية التحتية” وبالتالي لديها القدرة على تسريع النمو الاقتصادي عبر منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا ووسط وشرق أوروبا، يقدر تقرير من مجلس المعاشات العالمي (WPC) أن آسيا – باستثناء الصين – تتطلب ما يصل إلى 900 مليار دولار من استثمارات البنية التحتية سنويًا على مدى العقد المقبل وبنسبة 50٪ أعلى من معدلات الإنفاق الحالية على البنية التحتية. تفسر الحاجة المتزايدة لرأس المال طويل الأجل، وقد عبّر العديد من رؤساء دول آسيا وأوروبا الشرقية بسرور عن اهتمامهم بالانضمام إلى هذه المؤسسة المالية الدولية الجديدة التي تركز فقط على “الأصول الحقيقية” والنمو الاقتصادي المدفوع بالبنية التحتية.
وتُدرج بعض التقديرات مبادرة الحزام والطريق كواحدة من أكبر مشاريع البنية التحتية والاستثمارات في التاريخ، والتي تغطي أكثر من 68 دولة، بما في ذلك 65٪ من سكان العالم و40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي اعتبارًا من عام 2017.
ويبني المشروع على طرق التجارة القديمة التي كانت تربط الصين بالغرب، وطرق ماركو بولو وابن بطوطة في الشمال وطرق الرحلات الاستكشافية البحرية لسلالة مينج الأدميرال تشنغ هي في الجنوب
ويعتقد بعض المحللين أن مبادرة الحزام والطريق وسيلة لتوسيع النفوذ الاقتصادي والسياسي الصيني. وهذا دفع بالدول الكبرى إلى الوقوف في وجهه ومحاولة وضع الخطط والتدابير لمواجهة التمدد الصيني في العالم
وفي هذا السياق صرّح مسؤول كبير بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ستعلن عن مشروع جديد يخص البنية التحتية العالمية رداً على مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وقال المسؤول الذي تحدث إلى الصحافيين بشرط عدم نشر اسمه إن الولايات المتحدة ستسعى أيضاً لدفع الزعماء الآخرين بمجموعة السبع إلى اتخاذ “إجراء ملموس فيما يتعلق بالعمل بالسخرة” في الصين ولإدراج انتقاد لبكين في بيانهم الختامي.
وأضاف: “هذا ليس لمجرد مجابهة الصين، لكننا لم نقدم حتى الآن بديلاً إيجابياً يعكس قيمنا ومعاييرنا وأسلوبنا في إدارة الأعمال”.
وبعيد الاجتماع الذي عقد في انجلترا ظهر قادة المجموعة، الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليابان ليأكدوا للعالم أن أغنى الديمقراطيات يمكن أن تقدم بديلاً لنفوذ الصين المتنامي.
وعن هذا الموضوع قاد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو مناقشة لمجموعة السبع بشأن الصين أمس السبت ودعا القادة للتوصل إلى نهج موحد لمواجهة التحديات التي تفرضها الصين.
وفي نهاية الاجتماع تم بالفعل طرح خطة للبنية التحتية للدول النامية قد تنافس مبادرة الحزام والطريق التي يبلغ حجمها عدة تريليونات من الدولارات.
والمشروع سيحمل اسم (إعادة بناء عالم افضل) واختصارا (بي 3 دبليو) لمساعدة البلدان ذات الدخل الضعيف والمتوسط على إنشاء بنية تحتية افضل.
وأوضح البيان الختامي للقمة أن المبادرة “ستقدم شراكة قائمة على القيم وذات معايير عالية وشفافة” مضيفا أنه سيتم تسخير رأسمال القطاع الخاص في مجالات المناخ والصحة والأمن الصحي والتكنولوجيا الرقمية.
والرد الصيني على البيان الختماي لم يتأخر كثيراً حيث حذرت الصين زعماء مجموعة السبع من أن الأيام التي كانت تقرر فيها مجموعات “صغيرة” من الدول مصير العالم “قد ولت منذ فترة طويلة”، في هجوم على أغنى ديمقراطيات في العالم بعدما سعت لاتخاذ موقف موحد إزاء بكين.
وقال متحدث باسم السفارة الصينية في لندن: “لقد ولت الأيام التي كانت تملي فيها مجموعة صغيرة من الدول، القرارات العالمية”.
وأضاف: “نعتقد دائماً أن الدول، كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، فقيرة أم غنية، متساوية، وأنه يجب معالجة الشؤون العالمية من خلال التشاور بين كل الدول”.
وإلى الأمس القريب كانت سياسة أوروبا الخارجية حول الصين ليست موحدة رغم وعي المسؤولين بأن الصين منافس قوي وخطير ولديه طموحات للهيمنة الاقتصادية على العالم، إلا أن التفاوت في مواقف الدول الأوروبية أعضاء الاتحاد الأوروبي يدفع إلى تبني مواقف مختلفة إزاء الصين، فدول شرق أوروبا بالذات المجر وبولندا تنظر إلى الصين باعتبارها مركزا لرؤوس الأموال والاستثمار والتجارة التي تحتاجها هذه الدول وكذلك اليونان، كما أن الصين قد نجحت في ضم إيطاليا إلى مبادرة الحزام والطريق.