كنوز ميديا/ تقارير

أسف عبد الله بن زايد، وزير خارجية الإمارات، في حديث له مع موقع «اللجنة اليهودية الأمريكية» من تردد المجتمع الدولي من اعتبار حركة «حماس» حركة إرهابية.

ورأى أنه «من المضحك أن بعض الحكومات تصنف الجناح العسكري فقط لكيان ما، على أنه إرهابي، دون الجناح السياسي، رغم عدم وجود فرق» وفي سبيل تغيير هذا «الخطأ» يقترح الوزير استلهام دول عربية أخرى في المنطقة المسار الإماراتي في التطبيع بين بلاده وإسرائيل.

الحقيقة أن موقف أبو ظبي من حركة «حماس» كان سابقا على التطبيع مع “إسرائيل” غير أن العلاقة التي تزداد حميمية بين الطرفين وضعت الموقف الإماراتي من «حماس» ومن نضال الشعب الفلسطيني عموما، ضمن معادلة جديدة يصبح فيها تطوير العلاقات مع تل أبيب، وتحريض اليهود الأمريكيين على الحركة الإسلامية المقاومة، ضمن معادلة جديدة غير مسبوقة في التاريخ السياسي العربي الحديث.

حسب حركة «حماس» التي علقت على التصريح الأخير، فإن كلام بن زايد «يتنافى مع قيم العروبة» و«يتساوق مع الدعاية الصهيونية» و«يصطدم مع توجهات الجمهور العربي» والحقيقة أن «قيم العروبة» صارت أمرا خارج التداول ضمن سوق السياسة العربية الرسمية، وأن «التساوق مع الدعاية الصهيونية» كان موجودا ضمن السياسات الرسمية بشكل أو بآخر منذ زمن طويل، غير أن المستجد فيه هو العمل الحثيث، خصوصا من لدن أبو ظبي، لتحويل هذا التساوق إلى تحالف بين نظم عربية وإسرائيل، وهو ما يقتضي، بالضرورة، ليس تجريم حركة «حماس» فحسب، بل تجريم أي شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية للاحتلال والاستيطان، بالتزامن مع تجريم أشكال النضال العربي ضد الاستبداد السياسي، وصولا إلى فرض دكتاتوريات عسكرية وإنهاء أي شكل من أشكال الحراك والتمثيل والتعبير الديمقراطي.

يوضح تأكيد بن زايد على عدم وجود فوارق بين جسم سياسي وعسكري في «حماس» أن المشكلة هي مع السياسي كما مع العسكري، فالمطلوب ليس وقف دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم عسكريا فحسب (رغم أن عدد ضحاياهم وخسائرهم أكبر بكثير من خسائر إسرائيل) بل كذلك تجريم «الإسلام السياسي» لأنه يقدم نسخة من الإسلام تختلف عن نسخة الأنظمة العربية، التي تريد نزع الطابع النضالي عنه وتحويله إلى أدوات ضبط وإطاعة الحاكم وقصره على طقوس صلاة وصيام وزكاة وحج مضبوطة فحسب.

المفارقة في هذا الموضوع أن وزير خارجية عربي لدولة مسلمة يقوم بالتحريض على حركة إسلامية للجنة يهودية أمريكية، أي أنها مؤسسة دينية ـ سياسية، والغريب أن الوزير لا ينتبه إلى هذه المفارقة البائسة التي تجعله يحرض فيها على أبناء قوميته ودينه أمام أبناء قومية ودين آخرين.

من المفهوم أن أمور التطبيع لا يمكن أن تقتصر على صفقات المال والرياضة والتجسس، وأنها في حاجة إلى أشكال من التنظير عن «التسامح» الديني والسياسي، غير أن التناقض يصبح كبيرا حين يظلل التسامح والإخاء والود علاقات مع عدو يحتل أراضي عربية ويضطهد شعبا عربيا مسلما، ويتم التحريض على ذلك الشعب المضطهد واعتبار دفاعه عن النفس، وتمسكه بهويته الثقافية والدينية إرهابا.

المصدر // القدس العربي

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here