كنوز ميديا / دولي / متابعات

يتصاعد التوتر في العلاقات السعودية الاماراتية حيث ظلت المواقف بين أبوظبي والرياض خلال السنوات الأخيرة الماضية متباينة في كثير من المواضيع والقضايا الإقليمية، لكن الجانبين يتحاشيان الإشارة إليها رسمياً؛ باستثناء ما يأتي على لسان محللين وأكاديميين وبعض نشطاء البلدين و المقربين من دوائر صناعة القرار فتخرج معلومات عن تأزم داخل التحالف الاستراتيجي بين السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، والإمارات بقيادة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بسبب قضايا مختلفة، وأن ذلك التحالف يُخفي وراءه العديد من الملفات الشائكة بين البلدين. وتشير بعض المعلومات إلى أن الخلافات ربما تتصاعد بشكل كبير.

ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على منظومة مجلس التّعاون الخليجي الإقليميّة، والعلاقات بين بُلدانها هذه الأيّام تَعكِس صُورةً مُغايرةً كُلِّيًّا من حيث تفاقم الخِلافات والصّراعات بين أعضائها الستّة، وتآكل وتبدّد حُلُم الوحدة الخليجيّة. حيث يصور الخلاف السعودي الاماراتي هذه الصراعات الخفية بشكل جلي.

وانتقل الخلاف السعودي الإماراتي إلى العلن وبصُورةٍ غير مسبوقة إلى منظّمة “أوبك” واجتِماعها الأخير في فيينا لاعتِماد اتّفاق سعودي روسي لرَفعٍ مُتدرّج للإنتاج بمُعدّل 400 ألف برميل يوميًّا حتى نهاية العام لتَخفيض الأسعار حِفاظًا على استِقرار الاقتصاد العالمي الذي يُعاني من أزماتٍ طاحنة لعوامل كثيرة أبرزها انتشار فيروس كورونا وحالات الإغلاق التي صاحبته في مُعظم الدّول.

تَلاسُنٌ حاد، وغير مسبوق، انفَجر في اليومين الماضيين على شاشاتِ البلدين، بين الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير النّفط السعودي، ونظيره الإماراتي سهيل المزروعي، بدأه الأوّل، وعلى غير العادة، بانتِقاد الإمارات لمُعارضتها هذا الاتّفاق منفَردةً، فردّ نظيره الثّاني، أيّ المزروعي مصحوباً باتّهامٍ مُبَطّن للسعودية بمُحاولة فرض رأيها وتقديم مصالحها على مصالح الآخَرين، وقال إنّ بلاده أيّدت دائماً المواقف السعوديّة وقدّمت تضحيات كبيرة، وأنّها تُريد الآن الحُصول على حصّة عادلة تتناسب مع تضحياتها واستثماراتها الضّخمة في الصّناعة النفطيّة تَدُرّ عليها عوائد أفضل.

ولم يكن هذا الخلاف وليد اليوم أو البارحة إنما جاء نتيجة الاحتقان بين البلدين الذي يتضخم خلال الأعوام الثلاثة الماضية ولكن جاء الجدال حول الخلاف النفطي بمثابة الشعلة التي أشعرت فتيل النار بين البلدين وتتجلى نقاط الخلاف بين البلدين فيما يلي:=

وبدأت الخلافات بين السعودية والإمارات في اليمن تطفو على السطح وتخرج إلى العلن وكان قد بدأ الخلاف بعد أن دعمت الإمارات الميليشيا التي نفذت انقلاباً على الحكومة الشرعية في عاصمتها المؤقتة عدن وبعدها ظهر الخلاف السعودي الإماراتي في الملف اليمني جلياً في التغريدات التي تداولها عدد من النشطاء المحسوبين على كل من نظامي البلدين، وخاصة فيما يتعلق بالانفصال وتقسيم اليمن. وكان قد بدا الخلاف واضحا منذ عام 2015، بين أبو ظبي التي تضع ضمن أهدافها محاربة حزب “الإصلاح” اليمني، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والرياض التي تستضيف قيادات الحزب وتتعاون مع أذرعه العسكرية لمساندة قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي. ولكن تفجر بركان الغضب السّعودي من قرار الإمارات الانسِحاب من طَرفٍ واحد من الحرب المُشتركة في اليمن عام 2019، دون التّنسيق والتّشاور المُسبَق، وذلك بسبب تفاقم حجم الخسائر البشريّة في صُفوف القوّات الإماراتيّة، وتَجَنُّبًا لتهديدات الحوثيين بقصف دبي وأبو ظبي بالصّواريخ أُسوَةً بالرياض وجدّة، وتركيز أبو ظبي على السّيطرة على الجنوب اليمني الخالِ من قوّات “أنصار الله” الحوثيّة، ومنع حُكومة المنفى اليمنيّة من العودة بشَكلٍ كامل والاستِقرار في عدن العاصمة الثّانية، وتشكيلها المجلس الانتِقالي الجنوبي وجيشه ليكون واجهتها هُناك.

وظهرت بوادر حرب اقتصادية بين الطرفين جلياً في سياسات الأمير محمد بن سلمان التي يعمل من خلالها على سحب الشركات و المستثمرين الأجانب من دبي إلى الرياض، وبدأت السعودية بتقديم إغراءات كبيرة للشركات بهدف جذبها للسوق السعودي، مثل التخفيف من القيود على أسلوب حياة الناس، كالسماح بقيادة النساء للسيارات، والسماح بفتح السينما ودور العرض، وبناء مدن حديثة مثل نيوم على البحر الأحمر شمال المملكة لتكون مُنافسة لدبي في كُل شيء، وإذا علمنا أنّ 50 بالمئة من زوّار دبي هُم من السّعوديين يمكِن عندها فهم جُذور القلق الإماراتي.

ومن جهتها بدأت الإمارات باتخاذ خطوات أخرى للرد على السياسات الاقتصادية السعودية حيث قررت منح المغتربين حصة أكبر في اقتصادها، من خلال تعديل القوانين الخاصة بملكية الشركات المسجلة في الإمارات، كما أقرت بعض التعديلات على قانون الجنسية والذي سيسمح لبعض الوافدين بالحصول على الجنسية الإماراتية، وهي خطوة مصممة لاستقطاب المواهب إلى الإمارات.

وكشف تقرير صحفي في أواخر نوفمبر 2020 عن معلومات تتحدث عن قيام القوات السعودية العاملة ضمن قوات التحالف في اليمن برفعها تقارير تدعو لإعادة “ترتيب صلاحيات المراكز الاستخباراتية التابعة للدول المشاركة في التحالف وبشكل رئيس مع دولة الامارات” وأوضح التقرير وجود خلافات واسعة وتضارب في التنسيق بين جهاز الاستخبارات السعودي ونظيره الإماراتي أدت الى تراجع دقة العمليات العسكرية التي تستهدف الحوثيين في اليمن، ومن بين تلك المعلومات “طلب العميد في الجيش السعودي، عبد الرحمن مسعودي، بشكل رسمي من قيادة وزارة الدفاع التي يرأسها ولي العهد محمد بن سلمان، “ضرورة البدء بفصل النشاط الاستخباري السعودي عن النشاط الاستخباري الإماراتي”.

كما تتّهم الإمارات السعوديّة بدفعها إلى إقامة التّطبيع مع الاحتِلال الإسرائيلي، والتّعجيل بتوقيع اتّفاقات “أبراهام”، و ذلك في إطارِ تفاهم سرِّي مُلزِم مع الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد، على أن تلحق الرّياض بها، ولكنّ الأمير بن سلمان نقض الاتّفاق وتراجع عنه خوفًا من رُدودِ فِعلٍ سعوديّة داخليّة، وخُروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عرّاب التّطبيع، من البيت الأبيض، رُغم أنّ الأمير بن سلمان التقى ببنيامين نِتنياهو، ومايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكي السّابق، في “نيوم” لوضع الخُطوط لاتّفاق التّطبيع، ولكنّه انسحب وأنكر هذا اللّقاء الثّلاثي المذكور

وما يعزز الخلاف السعودي الإماراتي اتفاق مصالحة “العلا” والذي لم يفكك التّحالف الرّباعي الذي تأسّس عام 2017 لحصار دولة قطر، وإنّما مجلس التّعاون الخليجي نفسه أيضًا، وخرجت الإمارات مهندسة و مخططة هذا الاتفاق الخاسر الأكبر، في حين كانت قطر الرابح الأكبر خصوصاً بعد إعادة علاقاتها الكاملة مع السعودية و مصر بشكل متسارع، كل ذلك يفسر حالة الغضب العارم التي يعيشها الطرف الاماراتي بعد أن تركها حليفها السّعودي وحدها في ميدانيّ التّطبيع وحرب اليمن، ودُون أن يتغير أيّ بند واحد من بنود اتّفاق المُقاطعة الرّباعي، والأكثر من ذلك أنّ قناة “العربيّة” السعوديّة، ومقرّها دبي، كسرت كُلّ “المُحرّمات” وأجرت مُقابلةً مُطوّلة مع خالد مشعل رئيس حركة “حماس” في الخارج من مقرّه في الدوحة.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here