المرشح القدير في المشهد الأخير 

بقلم // حافظ أل بشارة

في الايام القليلة التي تسبق الانتخابات هناك اربعة اصناف من المراقبين للاحداث والمشاركين في رسم لوحتها الأخيرة :

1- المراقب الذي يصنع المشهد الاعلامي وهو جزء من الجهاز الدعائي للانتخابات ويكون منهمكا بالرسائل التي يوجهها للآخرين والرسائل الموجهة اليه ، لذلك فان هذه الاجواء تستغرق وقته وجهده ومشاعره ويشعر كأن العالم كله يعيش اجواء الانتخابات واعلامها ونزاعاتها الناعمة والخشنة .

2- المراقب الذي استسلم لليأس واصبح مدبرا عن السياسة والسلطة ولا يهمه من هو الذاهب ومن هو الآتي ، فهذا يعيش في واد آخر ، لا يسمع ولا يرى ولا يتفاعل ، ويتمنى ان يأتي العالم كله ليخدمه ويطلب رضاه وليس لديه ما يقوله سوى الشكوى واللوم والشجب والاستنكار.

3- المراقب المعادي : وهو مراقب مقيد باحكامه المسبقة وعادة يعمل ضمن منظومة معادية لها قواعد في الخطاب والاولويات وشعاره : جئنا لتخريب ما تبقى من العراق وليس منا من يؤمن بالحياة والديمقراطية والسلام والاعمار والبناء ، ودولة لاتعطينا السلطة لا نسمح لها بالبقاء .

4- عامة الشعب صاحب المطالب المشروعة : فالمواطن العادي المحايد يعرف مصالحه بدقة ويشكل منها معيارا جيدا لاتخاذ مواقفه تجاه السلطة ، واذا شعر ان الانتخابات يمكن ان تحقق مصالحه سيشارك فيها ، واذا شعر انها عملية مكررة متشابهة النتائج يعرض عنها ، وموقف المواطن مقياس للشرعية عادة في النظام الديمقراطي ، الا انه بحاجة الى مزيد من الوعي ليعلم ان استمرار آلية الانتخاب هي روح النظام الديمقراطي .

هنا المرشح يكون معنيا بهذه الاتجاهات من التفكير اكثر من غيره فيصنع خطابا خاصا لكل من المؤيد والمعادي وغير المهتم وعامة الناس ، ويعيش حالة المواطن العادي الذي هو نفعي ومصلحي في سلوكه مع السلطة ، هو يتخذ من السلطة خادما وحاميا وهي تتخذ منه مصدرا للشرعية ، وهذا النوع من الوعي يمكن تدريب المرشح عليه ان لم يمتلكه فعلا فهو الحد الادنى من الاحاطة المعرفية بالبيئة الانتخابية واصناف الناس فيها ، في هذه الايام القليلة يجب ان يبني المرشح جسوره الوثيقة مع كل الشرائح ويهيء لكل منها خطابه ، ولا يعتمد التزويق والتلفيق ومنح الوعود المجانية ، هناك نقطة تهم جميع اصناف البشر في البيئة الانتخابية وهي نقطة (وجوب الحفاظ على الانتخابات كتقليد شعبي مستمر لانها العمود الفقري للنظام الديمقراطي ، وتوقف الانتخابات معناها زوال النظام الديمقراطي وهو يعني عودة الدكتاتورية) ، هذا هو الخطاب المشترك الذي يمكن ان ينصت اليه الجميع ويهتم به الجميع ويصدقه الجميع ، نفذوا انتخابات فاشلة خير من توقف الانتخابات ، دعاة عودة الاستبداد يبذلون الجهود المضنية وينفقون الاموال الطائلة من اجل هدف واحد هو ايقاف الانتخابات لانها المقدمة الاكثر اهمية في سيناريو عودة الدكتاتورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى