بقلم // عبد الصافي

في ٢٢ / ٩ / ١٩٨٠ إقتحم صدام بجيشه الأراضي الأيرانية على جبهات عدة وقد توغلت وخلال الساعات الأولى. في بعض الجبهات بعمق زاد على المئة كيلو متر ، لم يكن لأيران فيها غير مخافر حدودية وبعض قطعات عسكرية قليلة متناثرة لتعيث قواته تخريبا ونهبا في القرى والقصبات الأيرانية التي وصلتها وكان للسكان العرب في أقليم خوزستان النصيب الأكبر من هذا الدمار …
صدام قدّم لحربه تلك بتهيئة إعلامية ونفسية ولوجستية كبيرة مدفوعاً ومدعوماً من الغرب والخليج ..
يقول حسن العلوي في وقت لاحق وكان قبله مديراً لمكتب صدام الأعلامي ورئيساً لتحرير مجلة الف باء الأسبوعية ” إنه رافق صدام بعد إنتزاعه الرئاسة من البكر في جولة شملت الأهوار المشتركة بين العراق وإيران وهناك أرسل على قائد عسكري ميداني يسأله عن أكثر المناطق تمثل خاصرةً رخوة لأيران يمكن من خلالها مهاجمتها ” .. حينها والكلام مازال للعلوي ” تيقنت إن الرجل يبيت لهجوم عسكري على إيران ” ..
لم تكن حرب صدام على الثورة الأسلامية في إيران تمثل نزوةً أو طيشاً أو إنفعالاً ، بل هي نتاج مخطط خبيث وإجرامي حاكت خيوطه دوائر وأجهزة عالمية معروفة .. حتى إن الكثير من المحللين باتوا يربطون بين حدث الثورة الأسلامية في إيران والدفع بصدام لأزاحة البكر ليبدأ بعدها سعياً حثيثاً وإستحضارات محمومة حتى بات العراقيون على موعد مع نمط غير مسبوق حافل بخطاب ديماغوجي مليء بمفردات ومصطلحات من قبيل ( أطماع صفوية وفرس مجوس تطور في ما بعد الى قادسية صدام وبوابة شرقية وبطل تحرير قومي وغير ذلك الكثير ) .. ولعل من مصاديق تلكم الأستعدادات والتهيئة الأعلامية والنفسية هو فيلم القادسية والميزانية الهائلة التي رصدت له وطريقة تسويقه ..
حرب صدام على الجمهورية الأسلامية وبلا ريب هي حرب نيابة خاضها صدام أجيراً مدفوعاً مدعوماً من الغرب وفي المقدمة أمريكا ودول الخليج دامت ثماني سنوات كلفت كلاً من العراق وإيران ملايين الضحايا وأضعافهم من المشردين والجرحى والمعاقين والأسرى ، فضلاً عن مئات المليارات من الأموال .. وقد انتهت هذه الحرب بصدام مُستدرَجاً لغزو الكويت بعد أن إكتشف نفسه ( مضحوكاً عليه ) وقد إعترف هو بذلك لاحقاً وبلسانه .. بعد أن بدأت دول الخليج تطالبه بدفع المبالغ التي بذمته كديون واجبة الدفع وليست هبات أو مكافآت لقاء حربه كما كان يتوهم ..
تطورت الأحداث في ما بعد مترابطةً مع بعضها وإنتهت بصدام وقت ضاقت به الأرض حتى تحولت الى حفرة صغيرة يقبع بها بأنتظار مصيره المحتوم على أيدي مَن دفعه ودعمه يوماً في ( قادسيته ذي الثماني سنوات ) ،، وقد حصل ذلك فعلاً …
فيما تقف إيران اليوم قلعةً شامخةً منيعة تتكسر على حدودها نصال التآمر والعدوان ، يتوسطها مرقد طاهر لأمامها ومفجّر ثورتها تهفو اليه قلوب الأحرار من كل حدبٍ وصوب …

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here