كنوز ميديا / تقارير

“فتّش عن المستفيد”. قاعدة ذهبية يستخدمها المحققون غالباً في إماطة اللثام عن الجرائم الجنائية الغامضة، وحتى الجرائم السياسية أيضاً، فالمستفيد من الحادثة ليس بالضرورة الجاني نفسه، فقد يكون العقل المدبر شخصاً أو جهة أوعزت لمتهور بالقيام بهذا العمل.
وبطبيعة الحال فإن العراق يُمثّل بيئة خصبة للعديد من الجرائم التي تتشابك فيها الخيوط وتتداخل الأجندات، وهو ما جرى خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي تحوم حولها شبهات عديدة.
وبينما يتصاعد الغليان الشعبي في بلاد ما بين النهرين احتجاجاً على نتائج الانتخابات “المزورة”، اختارت الولايات المتحدة توقيتاً حساساً لتكشف عن خبايا مخططها “المعد مسبقاً”، حسبما يرى مراقبون للشأن السياسي.
وفي تصريح أدلى به أمس الثلاثاء، أماط السفير الأمريكي لدى بغداد ماثيو تولر، اللثام عن حجم “المؤامرة الأميركية” في الملف الانتخابي، حيث عبّر تولر عن رغبة بلاده بالإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة “وفق ما تمخضت عنها نتائج الانتخابات”، التي يرفضها معظم الشعب العراقي.
وقال تولر خلال جلسة حوارية على هامش مؤتمر الشرق الأوسط المنعقد في أربيل، إن “تشكيل الحكومة عملية مهمة وينبغي الإسراع بذلك، ووفق ما تمخضت عنه الانتخابات من نتائج”.
وزعم السفير الأميركي أن “هذه الانتخابات كانت ناجحة من الناحية الفنية والتحضير لها”، واصفا إياها بأنها “أهدأ وأفضل عملية انتخابية جرت في العراق”، على حد تعبيره.
وتعكس تصريحات تولر حجم التدخل الأميركي في الانتخابات، ورغبة واشنطن بإقصاء فئة سياسية لطالما كانت نداً قوياً لهذا التدخل. ويعود ذلك بحسب مراقبين، إلى مساعي الإدارة الأميركية الجديدة بتجريد الحشد الشعبي من حاضنته السياسية في البرلمان.
وفق ذلك يقول المحلل السياسي صباح العكيلي إن “النتائج الحالية للانتخابات لا تمثل غالبية الشعب العراقي، لاسيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار حجم المشاركة، وعزوف الشعب العراقي الذي يعود سببه لفقدان الثقة بالطبقة السياسية”.
ويضيف العكيلي أن “الانتخابات شهدت سرقة لأصوات المرشحين، وهناك أيادٍ خارجية تدخلت في عمل المفوضية لاسيما السفير الأميركي والممثلة الأممية بلاسخارت، علاوة على ملف السيرفرات في الإمارات”.
ويرى العكيلي أن “ما يجري دليل على أن الولايات المتحدة تدعم النتائج غير الحقيقية من أجل تسويق شخصيات مؤيدة للتوجهات الأميركية”، مبدياً في الوقت ذاته، ثقته بأن “واشنطن متورطة في تزوير الانتخابات”.
وتتغاضى مفوضية الانتخابات عن الصوت الهادر الذي يصدح منذ تسعة أيام متتالية، على أعتاب المنطقة الخضراء، تنديداً بـ”تزوير”الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العاشر من تشرين الأول الحالي، حيث يطالب المعتصمون هناك بإعادة العد والفرز وإجرائه بطريقة يدوية، لضمان نزاهة العملية التي تحوم حولها “شبهات” أرّقت الشارع العراقي.
وأوصت المفوضية بردّ غالبية الطعون بذريعة عدم استيفائها الشروط، بينما أمهلت القوى الرافضة للنتائج المفوضية 72 ساعة لإعادة “الأصوات المسروقة”.
وكانت اللجنة التنظيمية للاعتصامات الرافضة لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، أمهلت مفوضية الانتخابات 72 ساعة من مساء الجمعة الماضي، لاسترجاع “الأصوات المسروقة”.
وحذرت اللجنة من أن المعتصمين سيتخذون الإجراءات التي يرونها مناسبة لاسترجاع حقهم المنهوب، ودعت جماهيرها إلى المرابطة والثبات.
ويواصل العراقيون الرافضون لنتائج الانتخابات لليوم التاسع على التوالي اعتصامهم قرب المنطقة الخضراء في بغداد، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وكان عدد من المعتصمين قد تقدموا منذ يومين باتجاه بوابة المنطقة الخضراء، التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان والبعثات الأجنبية ومنها السفارة الأميركية.
وعقدت القوى الوطنية المعترضة على نتائج الانتخابات، اجتماعاً مساء الأحد الماضي، في مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون، ناقشت خلاله الأحداث والوقائع التي “تثبت وجود خلل كبير بما أعلن من نتائج وما أدى إليه من توترات سياسية واجتماعية”.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here