بقلم // جمعة العطواني
سماحة السيد اكتب اليكم بقلب يحمل لكم كل الاحترام والتقدير لاعتبارات كثيرة ، منها انكم تتقبلون النقد بصدر رحب وعين مفتوحة ، ولهذا ربما لم اكتب الى اغلب السياسين في الفضاء المفتوح بمقدار ماكتبت لكم شخصيا .
سمعنا تصريحات لبعض اعضاء وقيادات تيار الحكمة ،تتحدث عن ( مقترح ) لحل الازمة الانتخابية من خلال توزيع (المناصب) الحكومية على اساس عدد الاصوات التي حصل عليها كل حزب او كتلة سياسية، بعيدا عن عدد المقاعد التي حصلت عليها القوى السياسية تلك . وكما اشرتم اليه تلميحا في كلمتكم في مؤتمر الامن والسلم في الشرق الاوسط .
وهنا نسجل بعض الملاحظات ومن خلالكم الى كل الزعامات التي تؤيد هذا المقترح منها :
١- استبشرنا خيرا وانتم تقومون بدور سياسي حكيم في تعاطيكم مع نتائج الانتخابات وفق ما تؤول اليه السياقات القانونية ، وقبولكم بها رغم ( مرارة) النتيجة التي حصلتم عليها في هذه الانتخابات ، ولعبكم دور الوسيط الذي يجمع الفرقاء ولا يشتتهم.
٢- اكبرنا بكم ( عفتكم) عن الحصول على المناصب وفق صفقات سياسية واعتبرتموها ( صدقة لا تحل عليكم) ، وهو موقف مبدئي يحسب لكم، وربما يعوضكم عن ( ذلة) الصفقات ، كونها لا تتماشى مع مكانتكم السياسية .
٣- الا تعتقدون ان المشاركة في الحكومة وفق صفقات عدد الاصوات بعيدا عن الاستحقاقات الدستورية والقانونية هي نوع اخر ( من الصدقات) لكن بطريقة ( الالتفاف) على الواقع؟.
ثم انتم تعلمون ان مشاركتكم في الحكومة يتقاطع مع قراركم المبدئي بتبني المعارضة الايجابية ، إذ لايحق لكم الاعتراض على حكومة تريدون تقويمها وتصحيح مسارها وانتم مشاركون فيها.
٤-انه مقترح لا يتماشى مع القانون والدستور العراقي الذي اعطى ألحق لكل كتلة ان تشكل الحكومة او تشارك فيها وفق المقاعد التي تحصل عليها الكتل السياسية.
٥- انه اجحاف بحق القوى السياسية التي حصلت على مقاعد اكثر بطريقة فنية في توزيع المرشحين ، وتنظيم حركتهم وضبط جمهورهم( بغض النظر عن موقفنا منهم )، على خلاف القوى الاخرى التي لم تنجح في ضبط حركة جمهورها او توزيع مرشحيها وفق احجامهم الجماهيرية في كل دائرة انتخابية .
٦- ان هذه الطريقة تفتح بابا في المستقبل للتعاطي مع عدد الاصوات وليس المقاعد، من خلال ترشيح اكبر عدد من المرشحين المستقلين او غير المستقلين، والتفاوض مع الاخرين على اساس ما حصلوا عليه من اصوات وان لم يحصلوا على مقعد واحد .
٧- انها سنة ( سيئة) في بناء العملية السياسية وفق التداول السلمي للسلطة ، فان نجح هذا الاسلوب ، فانه مدعاة الى ان تقوم كل القوى الخاسرة في الانتخابات المستقبلية وتدعي انها تعرضت الى تزوير في الانتخابات وتدعو الى الاحتكام الى عدد الاصوات، وليس عدد المقاعد وتجبر الاخرين على الاعتراف بهم وفق اصواتهم لا مقاعدهم ،ويتعاطون معكم وفق قاعدة ( الالزام).
٨- ثم الم تقل القوى الخاسرة في الانتخابات ان اصواتهم تم تزويرها ! فكيف يقبلون بمعيار الاصوات لتوزيع المناصب، بينما يفترض ان اصواتهم قد تم سرقتها؟.
ان قبلوكم بهذا المبدا اعتراف ضمني بان العملية الانتخابية غير مزورة، وان اصواتكم لم تسرق ، بل ان اساس المشكلة هي في تشتت اصواتكم، ولهذا تريدون اعادة النظر في اصواتكم ( غير المسروقة، بل المشتتة )للحصول على مناصب حكومية .
٩- ان القبول بهذا المبدا يعني بالضرورة ان اعتراض المعترضين على نتائج الانتخابات هدفهم الحصول على مناصب وامتيازات ( كما يقول خصومكم) ، وليس اعتراضا على التزوير الذي يسبب خللا بنيويا في مفاصل المؤسسة التشريعية، ويبني عملية سياسية على اساس التزوير والسرقة ، ولهذا عندما تُعطى القوى المعترضة على نتائج الانتخابات مناصب اكثر من مقاعدها البرلمانية فان القضية تصبح قابلة للحل بالصفقات لا بتصحيح المسارات .
١٠- انه مدعاة لتفكيك قوى الاطار التنسيقي الذي يعول عليه جمهوركم بوصفه( خيمة) سياسية للبيت الشيعي في مقابل القوى الاخرى، وان خسارتكم جراء تفكك قوى الاطار اكثر من ربحكم منصب هنا او هناك على الصعيد الاستراتيجي .
١١- انه مدعاة الى ان تتحول الكتل السياسية الى ( سوق عكاظ)، سياسي ، فيهرع الجميع الى الاف المرشحين( المستقلين )الخاسرين لضمهم اليهم، واستثمار اصواتهم في المفاوضات مع الاخرين ، وهذا لا يخدم استقرار الدولة ولا مكانتكم السياسية، فضلا عن الفوضى داخل الحكومة بعد ان تتحول من حكومة شراكة الى حكومة( مرشحين )، وهي سابقة خطيرة على مستقبل الدولة ونزاهة الحكومة وسياقات العملية السياسية.
اتمنى ان تكون هذه المقترحات غير دقيقة ، وان كانت دقيقة ان لا تتبنوها خدمة لمسارات العملية السياسية وعلى مكانتكم فيها .
مع خالص الدعاء