كنوز ميديا / تقارير
على حين غِرّة، غصّت ساحة الفردوس الواقعة وسط العاصمة بغداد، بجموع من المتظاهرين الغاضبين جراء قرار حكومي وصفوه بـ”الأهوج”، أشعل شرارة “انتفاضة سلمية” ضد حكومة تصريف الأعمال ورئيسها مصطفى الكاظمي، حسبما يرى مراقبون.
وفي ساعة متقدمة من ليلة الجمعة – السبت، شهدت بغداد، تصعيدا جماهيريا رافضا لإزالة جدارية الشهيد أبو مهدي المهندس من ساحة الفردوس، الامر الذي أجبر رئيس حكومة تصريف الاعمال مصطفى الكاظمي على الرضوخ الى مطالبهم.
في حين شهدت بوابات المنطقة الخضراء هي الأخرى، تصعيدا جماهيريا رفضا لمحاولات إزالة جدارية الشهيد أبو مهدي المهندس من ساحة الفردوس.
ورفع المتظاهرون الغاضبون شعارات رافضة للاحتلال الاميركي ومنددة بمحاولات إزالة جدارية الشهيد المهندس، مؤكدين رفضهم القاطع للمساس بالرموز الوطنية.
واستطلعت وسائل اعلام محلية آراء عدد من المحتجين، الذين قالوا إن هناك أوامر جاءت من رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى مديرية طبابة الحشد الشعبي لرفع جدارية قادة النصر.
وترمز جدارية الشهيد المهندس المُعلّقة في ساحة الفردوس، إلى الانسحاب العسكري للقوات الأميركية “المحتلة”من الأراضي العراقية، حيث تضمنت تهديدًا ووعيدًا لتلك القوات في حال عدم رضوخها لإرادة العراقيين، بمغادرة بلاد ما بين النهرين في الموعد المقرر نهاية الشهر الحالي.
وفي هذا السياق قال رئيس تحالف الفتح هادي العامري، في كلمة له “إن رسالتي واضحة الى القوات الأميركية والحكومة العراقية، عليكم أن تنفذوا ما تم الاتفاق عليه بكل شفافية”.
وأضاف العامري: لا نقبل أي تلاعب واحتيال أو التفاف أو تبديل مهام، وإذا أرادت القوات الامريكية أن تبقى في العراق فعليها أن تتحمل هذا القرار الخاطئ.
ويزداد قلق العراقيين من “العبارة الفضفاضة” التي يرد ذكرها في مختلف البيانات الحكومية الرسمية، والمتعلّقة بتحوّل مهمة القوات الأميركية من القتال إلى “التدريب والمشورة”.
وتتخلّص المخاوف الشعبية والسياسية من “وجود مساعٍ محتملة”، لمنح القوات الأميركية “غطاءً شرعيًا” للتواجد داخل أراضي البلاد على المدى البعيد، تحت ذرائع شتى أبرزها “تدريب” القوات الأمنية العراقية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي شهد فيه العالم أجمع، انهيار القوات الأفغانية أمام مسلحي طالبان، على الرغم من تلقيها العديد من التدريبات على يد قوات الاحتلال الأميركي لمدة 20 عامًا متواصلة.
ومن الجدير بالذكر أن قرار مجلس النواب الذي صوت عليه في الخامس من كانون الثاني 2020، لم يُجز للحكومة إبقاء أية قوات سواء أكانت قتالية أم للتدريب والمشورة، حيث كان القرار مُلزِمًا بالعمل على جدولة انسحاب القوات الأجنبية بكافة أشكالها وعناوينها.
وأكّدت قيادة العمليات المشتركة قبل أيام، أنّ القوات القتالية للتحالف الدولي ستغادر العراق بالكامل قبل نهاية هذا الشهر، نافيةً ما صدر من بعض وسائل الإعلام بخصوص بقاء هذه القوات.
وفي المقابل صرّح مسؤولون أميركيون عدّة، بأن قواتهم القتالية باقية داخل الأراضي العراقية على المستوى المنظور، وكان من بينهم قائد القيادة الوسطى الأميركية، فرانك ماكينزي، الذي نسف جميع الروايات الرسمية التي يتم تسويقها للرأي العام، بشأن رضوخ الولايات المتحدة لمطالب سحب قواتها من الأراضي العراقية بحلول 31 كانون الأول الحالي، وقال إن قوات بلاده البالغ عددها 2500 جندي، ستظل باقية هناك خلال “المستقبل المنظور”.
وردًا على ذلك يقول المحلل السياسي حسين الكناني إن “العراقيين فُجِعوا بقرار رفع جدارية الشهيد المهندس من ساحة الفردوس، هذا الرجل الذي قدم دماءه الزكية في سبيل العراق”، لافتًا إلى أن “هكذا قرارات تُعبّر عن إرادة أميركية كاملة”.
ويضيف الكناني أن”تصريحات المسؤولين الأميركيين تؤكد أن سياسة الولايات المتحدة لن تتغير، وهي قائمة على أساس التدخل في الشأن العراقي”، مؤكدًا أن “واشنطن تلعب على حبل الفتنة لتبرير وجودها العسكري”.
ويرى أن”الإدارة الأميركية تلعب دورًا تخريبيًا في العراق، وما تزال تراهن على عدم استقرار الوضع الأمني عبر دعم الإرهابيين والتحريض على فصائل المقاومة الإسلامية”، منوهًا في الوقت ذاته إلى أنها “تريد كذلك إزاحة التيار الإسلامي بالكامل من المشهد السياسي”.
ومن المعروف للرأي العام أن القوات الأميركية تتكدّس داخل قاعدتي عين الأسد في محافظة الأنبار، وحرير في إقليم كردستان، بيد أن رقعة تواجدها العسكري اتسعت أكبر من ذلك، بعيدًا عن أنظار العراقيين الحالمين بإخلاء بلدهم من العسكريين الأجانب.
وفي هذا الإطار كشف وزير الداخلية الأسبق باقر جبر الزبيدي مؤخرًا، عن قيام الولايات المتحدة بنصب صواريخ في “معسكر سري” بجبال إقليم كردستان العراق، فيما أفصح عن وجهتين لهذه الصواريخ.