كنوز ميديا / تقارير
يرصد علي الموسوي بنظرة فاحصة، الشريط الحدودي العراقي المتاخم للأراضي السورية، بينما يحتشد زملاؤه على مقربة منه للاستماع إلى قائدهم، الذي تلقى على ما يبدو “توجيهات عاجلة” أراد أن يُبلغها لجنوده.
اعتاد الموسوي (٣٤ عامًا) على الروتين العسكري منذ عام ٢٠١٤، عندما بدأت عصابات “داعش” باجتياح أراضٍ عراقية عدّة، قبل أن تتمكن القوات الأمنية وفصائل المقاومة الإسلامية والمتطوعين في الحشد الشعبي، من استعادة السيطرة على تلك الأراضي من قبضة التنظيم الإرهابي.
ويقول الموسوي، وهو متكئ على ساتر ترابي لا يبعد عن الحدود السورية سوى مسافة قليلة، بينما يُمسك بيده الأخرى سلاحًا رشاشًا، إن “قوات الحشد المرابطة هنا لن تسمح بمرور أي إرهابي مهما كلف الثمن”، مستدركًا بالقول: “لقد وقف الرجال عندما حانت المنازلة في ٢٠١٤، واليوم نجدد العهد بأننا السور الذي يحمي هذا الوطن بالدماء قبل أي شيء آخر”.
وبدا المقاتلون على الحدود متأهبين لهجمة إرهابية مرتقبة، بعد هروب عناصر داعش من سجن في الحسكة السورية، في ظل توقعات بتسللهم إلى العراق عبر الحدود البرية الرابطة بين البلدين.
ويرى الموسوي، المقاتل الأسمر ذو العين الشهلاء، الذي يُقاتل إلى جانب رفاقه في الحشد الشعبي، أن “البأس الذي يشاهده يوميًا في أعين رفاقه، سوف يساهم في قطع قدم أي داعشي قبل أن تطأ الأراضي العراقية”.
بيد أن الشجاعة والبسالة ليستا كافيتين لردع هجمة إرهابية مرتقبة مدعومة دوليًا وإقليميًا في العراق، حسبما يرى مراقبون للشأن السياسي، كرروا تحذيراتهم من وجود “مخطط أميركي مدعوم خليجيًا”، لإعادة سيناريو حزيران ٢٠١٤.
ويأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، عن معلومات خطيرة تتعلّق بهذا المخطط، بعد مجزرة الجمعة التي تعرضت لها قوات الجيش في ناحية العظيم بمحافظة ديالى، وأسفرت عن استشهاد ضابط و10 من جنوده الذين كانوا يرابطون هناك.
ففي صباح يوم الجمعة الماضي، أعلنت حالة الاستنفار القصوى في كل قواطع الجيش ضمن حدود ناحية العظيم وقراها (70كم شمال بعقوبة) بعد هجوم داعشي على مقر للجيش في أطراف قرية الاكليعة شمال الناحية.
وفتحت الأجهزة الأمنية “تحقيقات عاجلة” في تفاصيل المجزرة التي تعد الأعنف منذ 5 سنوات، فيما استثمر رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، الحادثة في التسويق الإعلامي على غرار الحوادث السابقة.
ويتمحور المخطط الإرهابي حول هدف وحيد، يتمثّل بإعادة إحياء خطر تنظيم “داعش” مجددًا في العراق، وذلك لـ”تبرير تواجد القوات الأميركية داخل البلاد”، وفقًا لمراقبين مطلعين على وقائع المشهد.
وفي الخامس من كانون الثاني 2020، صوت مجلس النواب خلال جلسة استثنائية، على قرار يُلزم الحكومة بالعمل على جدولة إخراج القوات الأجنبية من العراق، ومنعها من استخدام أرض البلاد وسمائها ومياهها، لتنفيذ أية أعمال عدائية تجاه دول الجوار الجغرافي.
وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي صباح العكيلي “ما يزال الإرهاب يُمثّل الورقة الرابحة للولايات المتحدة، التي بات واضحًا أنها بدأت بتنفيذ الخطة – ب، بهدف إضعاف العراق والقضاء على مصادر قوته”.
ويضيف العكيلي أن “أحد أهم الأهداف الأميركية الآن، هو إضعاف المؤسسة الأمنية وإرهاقها بحروب وأزمات جديدة، بالتزامن مع الحملات الشعواء التي تقاد ضد الحشد الشعبي، وفصائل المقاومة الإسلامية التي تعد خط الصد الأول، واليد الضاربة للعراقيين ضد المخططات الخارجية”.
ويرى العكيلي أن “إعادة إحياء داعش سوف تكلفنا الكثير من الدماء والأموال، وتحرف أنظارنا عن المخطط الصهيوأميركي الهادف إلى دفع العراق نحو حاضنة التطبيع مع كيان الاحتلال برعاية إماراتية”.
جدير بالذكر أن المسؤول الأمني للمقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، أبو علي العسكري، نشر مؤخرًا تغريدة قال فيها: “إن استمرار جرائم٬ داعش في العراق وبهذه الوحشية من قتل أبناء شعبنا سواء في ديالى أم غيرها، يستدعي منا فضح ومواجهة داعميها في الداخل ويعلم الجميع أنها مدعومة محليًا وإقليميًا ودوليًا”.
وأضاف العسكري، أن “مواجهة داعش في هذه المرحلة تتطلب منا دق أنوف السياسيين المتورطين في دعمها بتوفير المأوى، أو الربط بينها وبين عربان الخليج وأميركا، الذين يوفرون لهم أدوات غسيل الأموال لتستعمل في العمليات الإجرامية.
وتابع أن “إحدى الرئاسات الثلاث وبالتعاون مع أحد شيوخ العشائر الكبار، أسسوا قبل أكثر من شهر، جيشًا إجراميًا بلباس جديد، وقد أدخلوا جزءًا منه إلى بغداد للبدء بمرحلة جديدة تقضي على آخر آمال الشعب الجريح، ومع شديد الأسف فإن بعض المحسوبين على التشيع أصبحوا هم الأداة التي تحمي المشروع الخبيث، مستغلين هذا الظرف لتحقيق مكاسب دنيوية رخيصة، من قبيل السيطرة على المحافظات المظلومة تأريخيًا، والاستحواذ على المناصب بعناوين إصلاحية زائفة”.
ودعا العسكري، الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي والمقاومة العراقية، إلى “التصدي المباشر ودون تردد بمداهمة وطرد هؤلاء الأشرار ولنبدأ من بغداد”.