القضاء يحسم شوطًا سياسيًا مُضنيًا .. الأزمة تفرز خيارين أحلاهما مُر

كنوز ميديا / تقارير

لم تكن مجريات قضية الطعن بقانونية جلسة البرلمان الأولى، بعيدة عن سيناريو الانتخابات البرلمانية الأخيرة ونتائجها، التي أجمعت قوى سياسية مختلفة على أنها مُزوَّرة، إلا أن المشهد السياسي “المحبوك” إقليميًا، يُرجّح الكفّة لصالح محور جديد تشكّلت ملامحه بعد إعلان النتائج.
وعلى غرار قرارها المتعلّق بتزوير الانتخابات البرلمانية، التي جرت في العاشر من تشرين الأول الماضي، حسمت المحكمة الاتحادية العليا شوطًا سياسيًا جديدًا عندما ردّت الطعن المقدم من النائبين باسم خشّان ومحمود المشهداني، بشأن قانونية جلسة البرلمان الأولى.
وقررت المحكمة الاتحادية العراقية أمس الثلاثاء رد الطعن في دستورية الجلسة الأولى للبرلمان، في حين أشارت إلى أن ترؤس النائب خالد الدراجي جلسة البرلمان الأولى لا يتعارض مع أحكام الدستور.
كما قررت المحكمة -التي عُقدت أمس الاربعاء للنظر في الدعوى المقدمة بشأن دستورية الجلسة الأولى- إلغاء الأمر الولائي الخاص بالإيقاف المؤقت لهيأة رئاسة البرلمان.
وقالت المحكمة -في بيان- إنها عقدت الجلسة الأولى للمرافعة الخاصة بالدعويَينِ المقدمتين من عضوي مجلس النواب عالية نصيف وعطوان السيد حسن بخصوص المطالبة بإعلان (الكتلة النيابية الأكبر) وبطلان جلسة مجلس النواب التي انعقدت في التاسع من كانون الثاني الحالي.
وأضافت أنه بعد تبادل الدفوع بين الطرفين المتداعيين، قررت المحكمة تحديد الثلاثاء الموافق الأول من شباط المقبل، موعدًا للجلسة الثانية لاستكمال المرافعات في الدعوى، وتحديد اسم الكتلة الأكبر في البرلمان التي ستكلف بتشكيل الحكومة الجديدة.
وبينما تتمسّك الكتلة الصدرية بخيار “الأغلبية الوطنية”، التي يصفها الشركاء بأنها “توافقية موسعة” تهدف إلى إقصاء طرف سياسي شيعي، وشطر المكون إلى نصفين بالتنسيق مع التحالف السني والحزب الديمقراطي الكردستاني، يبرز خياران لا ثالث لهما أمام قوى الإطار التنسيقي.
ويتلخّص هذان الخياران بذهاب كل الإطار التنسيقي إلى المعارضة وربما المقاطعة، أو القبول بأن يذهب جزء منه إلى الحكومة والجزء الآخر للمعارضة.
وتَهمس أطراف سياسية بأن خيار “الثلث المُعطِّل” بات متاحًا أمام قوى الإطار التنسيقي، وهو بطبيعة الحال يُمثّل مصدر قلق كبير للكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالفي عزم وتقدم.
و”الثلث المُعطّل” هو مصطلح يُطلق على كتلة برلمانية تتألف من 110 نواب أو أكثر، سيكون بإمكانها تعطيل إجراءات اختيار رئيسي الجمهورية والوزراء، ما لم يتم التوصل إلى صيغة اتفاق من شأنها حلحلة الأزمة الراهنة.
ومما يُرجّح خيار “الثلث المُعطّل” هو الانشقاق الكردي الذي تسببت فيه جلسة البرلمان الأولى، على غرار ما يشهده المكون الشيعي، بفعل تحالفات “إقصائية” جديدة، حسبما يرى مراقبون.
وتعليقًا على ذلك يقول المحلل السياسي وائل الركابي،  إن “العراق أمام مفترق طرق، وهناك من يحوك المؤامرات لهذا البلد وشعبه الأبي”، مشيرًا إلى أن “المرحلة المقبلة تتطلب مزيدًا من العقلانية ورص الصفوف”.
ويضيف الركابي أن “الانقسام الشيعي ستكون تداعياته مدمرة، على اعتبار أن وحدة المكون الأكبر هي التي ضمنت وسوف تضمن استقرار البلاد”، مؤكدًا في الوقت ذاته “ضرورة أن تتخذ القوى الشيعية قرارات شجاعة لتجاوز الأزمة الراهنة”.
ويردف قائلًا، إن “هناك مؤامرة دولية وإقليمية تحاك للعراق منذ أشهر، وبدأت ملامحها بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ومن ثم صيغة التحالفات التي تجمع بين كل الفرقاء، في الوقت الذي تحاول فيه التفريق بين قوى المكون الشيعي”.
وتنعقد آمال العراقيين على حل للأزمة السياسية الخانقة، التي تشهدها البلاد منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من تشرين الأول الماضي، وما تلاها من أحداث متسارعة تُنذر باحتدام المشهد، لاسيما بعد مجريات جلسة البرلمان الأولى.
وتتوالى التحذيرات على الصعيدين السياسي والأمني، من احتمالية نشوب “نزاع” تتآكل فيه المنجزات التي أُريقت لأجلها دماء كثيرة، في الوقت الذي يتطلع فيه العراقيون إلى احتواء الأزمة المتصاعدة، في بلادهم التي ترزح تحت وطأة الفساد والاحتلال والتدخل الخارجي، وأزمات أخرى أرهقت كاهل المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى