كنوز ميديا / تقارير
يحلل كتاب ومحللو مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية، أسباب وتداعيات الخلافات التي تعصف في تحالف “انقاذ وطن”، اذ لم تمر سوى بضعة اسابيع على تشكيل التحالفات السياسية حتى دبت فيها الخلافات وصدعتها، لاسيما في تحالف “انقاذ وطن” الذي يضم الكتلة الصدرية وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، وبان ذلك التصدع جلياً بعد الخلافات التي تمحورت بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الاول حاكم الزاملي حول تداخل الصلاحيات بين هيأة الرئاسة والرئيس.
ويتبادل الطرفان الاتهامات، حيث يزعم رئيس البرلمان بان هناك تمادٍ من قبل نائبه الاولى لصلاحياته، وتدخل في عمل الرئاسة، بينما يقول الاخير ان الرئيس يحاول التفرد بادارة البرلمان.
وبان ذلك الخلاف بشكل واضح بعد تسمية حاكم الزاملي كنائب اول بينما لم تتضح معالم تلك الخلافات في الدورة الرابعة عندما كان حسن الكعبي نائب لرئيس البرلمان، بالرغم ان كلاهما ينحدران من الكتلة الصدرية.
مراقبون ارجعوا تلك الخلافات الى عوامل عديدة، متوقعين انهيار “انقاذ وطن” قريباً، بسبب عدم تجانس تكتلاته الثلاث.
وبهذا الشان يرى المحلل السياسي هيثم الخزعلي ان “حاكم الزاملي يحاول آن يفرض هيمنته على البرلمان، ومصادرة صلاحيات الحلبوسي على اعتبار آن الاخوة في التيار الصدري منحوا السنة والكرد حق المكون الأكبر بترشيح رئيس الوزراء من قبل تحالف إنقاذ وطن”.
ويضيف الخزعلي ان “الحلبوسي عند زيارته النجف مع السيد العامري في الزيارة الأخيرة حاول اقناع السيد الصدر بالتحالف مع الإطار من أجل أن ينقذ نفسه من تفرد التيار به، وبعد اللغط الاخير تلقى وعودا من قيادة التيار بعدم تدخل الزاملي بصلاحياته للحفاظ على التحالف من التصدع، حيث هدد نواب السيادة بالخروج من تحالف إنقاذ وطن”.
ولفت الى ان “منصب رئيس البرلمان (سني) ولا يقبلون بتقليل صلاحياته او المشاركة بها، اما سكوت النائب الكردي، لان الاتفاق الثلاثي ينص على حرية الديمقراطي في الإقليم وعدم مزاحمته فيه وهو ما يهم الكردالاقليم و الإقليم فقط”.
من جانبه يؤكد المحلل السياسي عقيل الطائي ان “جميع التحالفات التي تحدث بين الاحزاب هنالك مشتركات تقرب وجهات النظر اما الايدلوجية او المصلحة الوطنية العليا او تشابه في البرامج والخطط وحتى في العقيدة ، لوحظ في تحالف مايسمى انقاذ وطن هنالك مساحة واسعة وشاسعة بين مكونات هذا التحالف اختلاف في كل شيء “.
وبين ان “الكل يعلم سوء الاداء الواضح والتصرفات الفاضحة للبرلمان السابق برئيسه الذي كان استعراضيا ويستخدم اسلوب الفهلوة والخداع ، ولايوجد انجاز يذكر على مستوى التشريع لصالح الشعب، وبالتالي هنالك تمدد على صلاحيته التشريعية”.
واوضح ان “التيار هو صاحب الفضل الاول والاخير في انتخاب الحلبوسي مرة ثانية وعلى الاخير ان يذعن ويسكت”، مبيناً ان ” الحلبوسي الشاب الذي اصابه الغرور والخيلاء ووفرة الاموال من الخارج ودعم دول كل هذا جعله لايرى سوى نفسه، لذلك حدث ماحدث من مناكفات للاسف وبالتالي كيف يكون شكل البرلمان في ظل هكذا هيأة رئاسة”.
وفي ذات السياق يقول المحلل السياسي صباح العكيلي ان “هناك مؤامرة اقصائية لمحور المقاومة والممانعة بدات بالانتخابات وتنتهي بتمكين التحالف الثلاثي من اكمال المهمة وتغيير الواقع السياسي وهي مرحلة مهمة لدخول العراق دائرة التطبيع والتقسيم وهي جزء من رغبة الكرد الديمقراطي والسني السيادة والذي ظهر واضحًا بعد فشل التحالف الثلاثي من تمرير الرئيس الانفصالي لاكثر من مرة وهو أنتصار للثلث المعطل في تمرير مخطط مدعومًا من قبل بريطانيا وامريكا وتركيا والامارات”.
واوضح ان “شعار رفض التبعية من قبل التحالف الثلاثي سقط وان هذا التحالف يعيش انقساما بين شخوصة وهو اقرب الى الانفراط بعد انكشاف اللاعب الخارجي في دعمه لهذا التحالف وإن المشروع الوطني المستقل ضمن الفضاء الوطني وقطع الطريق امام التدخلات الخارجي وان تكون المصلحة الوطنية هي العنصر الاساسي في التفاوض والتوافق”.
الى ذلك يوضح المختص بالشان القانون د.مصدق عادل ان “ما قام به رئيس مجلس النواب من حصر الصلاحيات وادارة مجلس النواب بيده يشكل مخالفة دستورية لمبدأ التداول السلمي للسلطة، كما يشكل هذا السلوك صورة من صور الانفراد بالسلطة واعادة الدكتاتورية”.
ويضيف عادل انه “يشكل خروجا على الواحبات المفروضة على رئيس المجلس باشراك النائب الاول والثاني في ادارة مجلس النواب وصنع القرار التشريعي وفقا لاحكام المادتين (9/ثاني عشر) و(35) من النظام الداخلي لمجلس النواب”.
وشدد المختص بالشان القانوني على “وجوب اقالة رئيس المجلس وفق احكام المادة (12/ثانياً) من النظام الداخلي للمجلس واحكام المادة (2/ثانياً) من قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم (49) لسنة 2007 لخداع النواب والراي العام ورغبته الانفراد بالسلطة”.
بينما يؤكد المحلل السياسي ابراهيم السراج ان “اغلب التحالفات السياسية هشة، ولاتمتلك مقومات الاستمرار بالحياة السياسية، وقد تكون عرضة للانهيار في ابسط خلافاً سياسياً”.
ونوه الى ان “التحالف الثلاثي مبني على مشروع قد لاح في الأفق خسارته وأنه دخل مرحلة الموت السريري ومن داخل قبة البرلمان وهو أمر يكشف في المقابل قوة وانضباط الإطار التنسيقي الذي تعرض إلى الضغوط والمساومة والتخوين إلا أنه لازال متماسكا”.
وتابع السراج بقوله :” صراع الصلاحيات يعكس عمق الخلاف بين الصدريين وتحالف مايسمى بالسيادة الذي يرى في وجود الصدريين داخل مجلس النواب حالة استفزازية، لاسيما الحلبوسي الذي ضاق ذرعا بمحاصرته من قبل حلفائه”.
وعلى صعيد اخر يبين المحلل السياسي واثق الجابري ان “خلافات التفسيرات أدت الى تأويلات، حاولت الكتل من خلالها الى “جر” النار الى قرصها”.
واوضح ان “التحالف الثلاثي هو الآخر لم يتجاوز العرف السياسي الذي يقسم الرئاسات على المكونات، فلابد أن يكون الحل من أحد الطرق، إما يناط تشكيل الكتلة الأكثر عدداً من كل المكون الشيعي وتعد كتلة أكثر عدداً تتبنى الحكومة، أو يكون تحالف الأغلبية يتناسب مع التمثيل المكوناتي، أو يتم التحديد بين التيار والإطار، من يكون التحالف الأكثر عدد منهم ليناط به تشكيل الحكومة، بوصفها حصة الشيعة”.
ولفت الى ان “العرف السياسي جزء من العمل السياسي الذي يحافظ على المكونات، ولا يمكن دخول الشيعة في تحالف يحتاج الى 220 مقعداً بـ 76 مقعداً فقط، ويكون بذلك المكون الأكبر أقليةً، ومخالفاً لمنظومة الديمقراطية التي تشترط حكم الأغلبية الشعبية”.
وكذلك يرى المحلل السياسي د.كاظم جواد ان “هشاشة التحالفات للأحزاب والكتل السياسية تأتي من خلال تداعيات المتغيرات الدولية ونتائج الصراع الذي أخذ يحتدم مابين مشروع صفقة القرن الصهيوامريكية ومابين مشروع القرن الصينوروسي الذي يتابع خطواته بخشونه حذرة في إزاحة نقاط الهيمنة الأمريكية”.
ويكمل جواد حديثه بالقول انه “بين هذين المشروعين اخذت الكتل والأحزاب السياسية في العراق اصطفافاتها وفق رؤية مصلحية حزبية ومنها من يمزج بين المصلحة الوطنية والحزبية وصنف آخر يصطف بقوة إلى مشروع المواقف الوطنية والممانعة”.
واوضح ان “احتدام الصراع مابين التحالف الثلاثي ، لاسيما بين رئيس مجلس النواب ونائبه الذي يبدو انه يريد أن يبين لرئيس المجلس باننا من جئنا بك الى كرسي الرئاسة وما عليك إلا أن تكون مجرد ديكور في المجلس وقد ينطبق ذلك أيضا على منصب رئيس الجمهورية وبوادر ذلك تشير الى عدم إمكانية إستمرار هذا التحالف وسينفرط عقده ويكون عما قريب على باب الإطار ليدق طبل التوافقية العتيدة فهي أفضل لهم من شعار الاغلبية الذي تبين أنه فارغ المضمون”.
ويشخص المحلل السياسي جمعة العطواني عدة اسباب وراء الخلاف بين رئيس مجلس النواب ونائبه، ومنها “سبب سياسي وقانوني، اما الاول فان الحلبوسي وبالاضافة الى كتلته بل وكل المكون السياسي السني يعتقدون ان رئاسة البرلمان هي استحقاق للمكون السني اسوة برئاسة الجمهورية والوزراء بالنسبة للمكونين الكوردي والشيعي على التوالي”.
وبين ان “هذا التصور واضح من خلال ردة فعل الحلبوسي في اكثر من تصريح وكذلك اكثر القيادات البرلمانية السنية، قالوا ان رئاسة البرلمان استحقاق سني بل هو الاستحقاق الوحيد للسنة على مستوى ادارة الدولة”.
ويضيف العطواني انه “من الناحية القانونية فان الزاملي يعتمد على قانون البرلمان الذي صوت عليه عام ٢٠١٨ وكذلك النظام الداخلي المعمول به منذ عام ٢٠١٠ ، ففي النظام الداخلي في الفقرة التاسعة يتحدث عن هياة الرئاسة وفي قانون البرلمان فان القرارات التي يتخذها الرئيس يجب ان تكون بالتشاور مع نائبيه،الزاملي يقول ان الرئيس يتخذ قرارته من دون التشاور مع الاخرين”.