انشودة الغبار
بقلم // عبد الهادي مهودر
منذ بدايات فصل الربيع والعواصف الترابية تتوالى على العراق ، والاسباب نفسها في كل مرة ، شحة الامطار وتراجع المساحات الخضراء وتأثر العراق بالتغيرات المناخية ، والنصائح نفسها ايضاً لمرضى الربو والحساسية ونفسها لسائقي السيارات ، أركن سيارتك جانبا ولاتقف تحت شجرة او لوحة اعلانية وشغّل جهاز التبريد والاشارات الضوئية واستخدم الماسحات دون الماء حتى لايتحول الغبار الى طين ، والبقاء في البيوت افضل لكن عليك إحكام غلق الابواب والشبابيك ، وفي هذه الحالة قد تختنق، عزيزي المواطن ، اذا كان التيار الكهربائي مقطوعاً ، وبالنسبة للنازحين فينصح بتقليل عدد النازحين في الخيمة الواحدة واحاطة الخيمة بمادة ( الفوم ) او الطين المتوفر بكثرة ، والحمد لله، مع استخدام مناديل مبللة تحت الكمامات لإحكام إغلاق الجهاز التنفسي ، لكن الناصح البيئي لم يقل لنا أين يذهب بقية اعضاء الخيمة وهل في خيام النازحين فوم ومناديل وخدمة سبع نجوم ؟!
ونحن هنا لانناشد السادة المسؤولين بإنشودة الغبار المسموعة لأنهم جميعا يعلمون بالخطر البيئي الكبير وقد شارك العراق في مؤتمر قمة المناخ الذي عقد بمدينة غلاسكو الاسكتلندية العام الماضي بوفد رسمي كبير ، اضافة الى مشاركة الرئيس برهم صالح بكلمة مهمة عبر الفديو عن الواقع البيئي المتردي والتصحر “الذي أثر على 39 بالمئة من مساحة العراق وتضرر سبعة ملايين عراقي بسبب الجفاف والتغير المناخي والنزوح الاضطراري “، وقال أن الظروف الصعبة التي عصفت بالعراق خلال الاربعين سنة الماضية جعلته واحدا من أكثر البلدان هشاشة أمام التغيرات المُناخية، وحذّر من أن اكثر من نصف مساحة الأرض الخصبة مُعرّضة لخطر فقدانها زراعياً بسبب الملوحة الناتجة عن تراجع مناسيب دجلة والفرات، ولكن لا يكفي الاعتراف بسوء الحال والشعور بالقلق دون الشروع بالحلول ، واذا كانت الحلول صعبة فلا نناشد المسؤولين، ونحن على ابواب الصيف الاكثر حرارة، إلا بالممكن وهو حماية ماتبقى من بحيرات وحدائق عامة واشجار وبساتين نخيل وايقاف عمليات الهدر وتلويث الأنهر وقطع الاشجار والتجريف الجارية بلاهوادة ولا رحمة ولاعقاب ، فأين المفر من صيف اغبر قادم وحيث البيوت لاتحمي الساكنين والخيام لاتحمي النازحين ؟ ( و أيَ حُزنٍ سيبعث الغبار وكيف يشعر الوحيد فيه بالضَّياع ) مع الاعتذار لقصيدتي انشودة المطر وغريب على الخليج ولروح شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب الذي أحبّ بلاده وشمسها الحارقة وأحبّ حتى الظلام ، وقطعأً حتى الغبار هناك اجمل فهو يحتضن العراق.