انسداد
بقلم // سعد تركي
استعرض كمال سليم خياراته لتوفير مبلغ يسدّ نفقات استبدال مجاري البيت المتهرئة وشبكة أنابيب المياه المتكسرة. فكّر كثيراً في الاستدانة من أحد معارفه، لكنَّ تجاربه السابقة صرفته عن خيار سيُريق ماء وجهه، واللجوء إلى المكاتب الأهلية للتسليف سيضعه تحت سياط صاحب مكتب جشع. اقترحت عليه زوجته أن يأخذ قرضاً مصرفياً طالما هو موظف، فليس عليه ـ قالت له ـ سوى إيجاد الكفيل.
لم يخطر على بال كمال أنَّ ما توهمه يسيراً كان صعباً جداً. رحلة البحث عن كفيل مهمة معقدة اصطدمت بواقع أنَّ أغلب من تحدث معهم إما سبق أن كفلوا آخرين أو اعتذروا من “دوخة” وروتين مراجعة مصرف. فكان الحلّ أن يجد زميلاً ليكفل أحدهما الآخر.
اتفق كمال مع الكفيل، الذي سيكفله بدوره، على اقتراض عشرة ملايين دينار، حسب أنها ستغطي أكثر من حاجته. توهم أنه سيحصل على ملايينه بسهولة وسرعة، إلا أنَّ تلبية 28 شرطاً يجب أن تتوفر فيهما لتكون معاملتهما منجزة وسليمة، استغرق وقتاً كبيراً. وفاته أنه سيسدد المبلغ كاملاً مع زيادة تقترب من نصفه.
كالعادة في ترميم البيوت المتهالكة، فقد اقتضى استبدال المجاري قلع كاشي البيت كاملاً، وتغيير أنابيب المياه إلى حفر الحيطان، وفي الأثناء انكسر الأنبوب الرئيس “الأبي”، فاضطر إلى حفر الشارع. العشرة ملايين ألحقها بأخرى مثلها اضطرته لبيع سيارته العزيزة.
بعد يومين من الانتهاء من الترميم، انتبه إلى قسوة المصرف الذي وضع عليه وعلى كفيله 28 شرطاً ليحصلا على بضعة ملايين. انتبه إلى أنَّ شروط الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية خفيفة سهلة هينة لا تتعدى أن يكون عراقياً بالولادة ومن أبوين عراقيين، وكامل الأهلية وأتم الأربعين سنة من عمره، وذا سمعة حسنة وخبرة سياسية ومن المشهود له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن.
أحسّ كمال بالفخر لأنه لبّى شروطاً قاسية عالج بها انسداد المجاري، في حين أنَّ ساستنا لم يتفقوا، حتى الآن، على من تتوفر فيه أربعة شروط ينتهي بها الانسداد السياسي .