بقلم // علي عنبر السعدي

وي إعزيز وي عزيز
وبحجة الدخان – ابجي على كيفي
في القصص الشعبية ، طرفة وحكمة معاً ،خاصة تلك التي تظهر قدرة الانسان على ابتكار اساليب التخلص في المواقف الحرجة .
من هذه القصص ،إن احداهن تلقت خبر وفاة حبيبها المدعو (عزيز ) فما كان منها الا ان حملت (الميجنة) وضربت بها (بالخطأ) خادمها ومربيها العجوز ،فسقط مغشياً عليه ، فوقفت فوق رأسه وهي تولول وتنوح بحرقة (وي اعزيز وي عزيز ).
أما الأخرى ،فحين تلقت خبر وفاة من تحب ،اشعلت اكوام من الازبال – بحجة طرد البعوض – ما جعل دمعها يسيل غزيراً (وبحجة الدخان – ابجي على كيفي ).
كل عراقي – مع التأكيد على التعميم – معبأ ضد الاخرين ،سياسيين واعلاميين ونخباً ومواطنين ومجتمعاً – وليس هناك من لايحمل نقداً وثلباً وسباً بكل اشكاله ،ضد هذه المسميات ، ولأن العراقي في العادة متفرد بمزاجه وطبعه ، لذا يريد كل شيء ان يأتي وفق ذلك المزاج – يشذ عن ذلك اتباع الشخصيات الدينية او الزعامات السياسية – الذين توحد مزاجهم وانسكبت اهواؤهم الفردية في عباءة المتبوع .
التسريبات (المالكية) لعبت دورها في اشغال (المجتمع) التواصلي العراقي ،بين من يؤكد انها مفبركة ،ومن يجزم انها حقيقية ، وكل ألقى بدلوه فأخرج ماءً من بئر لايمكن القول بأنها نظيفة ،لكن ،هناك زاوية لم ينظر اليها أحد.
مثل يقول : ارم قبضة طين على جدار نظيف ،ان لم تلتصق ، فإنها تترك اثراً ، والاستنتاج الأول ،من قام بتسريب التسجيلات ،فعل وفق هذه القاعدة : ان لم تنل من المالكي – الخصم للجميع – فانها حتماً تترك اثراً .
نعود الى (لكن) ماذا لو كان المالكي ذاته ،هو من اراد تسريبها ؟؟ طبعاً ذلك ليس معقولاً – لماذا ؟؟ كيف يدين شخصية سياسية نفسه بهذه الصورة ؟؟
مادمنا قد صدقنا الاحتمال ان رجلاً مخضرم سياسياً ،وله تجربة طويلة في قيادة العراق في اسوأ الظروف ،وتعامل مع شتى اصناف السياسيين ومن كل الجهات ، يمكن ان يكون ساذجاً الى درجة (يكت) كل ما عنده ، ليس ضد الخصوم وحسب ،بل ضد الحلفاء والاصدقاء كذلك ،وبانتقاد مرير ،مع ضيوف لايعرفهم كثيراً ،ومن ثم لايتخذ حتى مواضع الحذر والتحفظ الطبيعيين ؟؟؟؟؟ لذا فما المانع ان نضع احتمالاً آخر مفاده : ان المالكي اراد فعلاً ان يعبّر عن رأيه في الوضع برمته ، بدءاً من الصديق القريب ، الى الخصم اللدود ،وان يكشف رأيه فيهم دون اضطرار للمجاملات والبروتوكولات ، ثم تضيع (الطاسة) بين نفي وتأكيد واتهام بالاستهداف ؟؟ لكن الطينة تكون قد تركت أثرها في الحائط ، فالملاحظات التي قيلت على لسانه ،قوية وبعضها موضوعياً وحقيقياً ،وبصرف النظر عن أحقية قولها ،فانهلا قد رمت حجراً ثقيلاً في بركة راكدة توشك ان تصبح آسنة ، بما يتركه ذلك على العراق .
ولأن السياسة “حساب المحتملات وصنع الممكنات” فهذه هي المحتملات : ان تحرك الوضع الراكد – خاصة عند قوى الاطار- ليكونوا أكثر حيوية في مواجهة الأخطار ، أما عن مقتدى ،فرأيه به معروف سراً وعلناً ،ولاشيء جديد في ذلك .
ماقاله المالكي في هذه التسريبات – على اعتبار انها صحيحة – انما هي اشبه بخطة عمل ، تسمي الأشياء بأسمائها ،حيث لاطريقة أخرى لقول مثل هذا ،سوى بإثارة دخان التسريبات ،عندها يبكي على كيفه ،ويبقى إعزيز عزيزاً ،لأنه حتماً سيبرأ من ضربة (الميجنة).

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here