بقلم// الشيخ حسن التريكي

استمعت لحديث أحد المتحدثين (المشهورين) بالإنجليزية ؛ الذين جاءت بهم “فوضى الخطابة واختلاط الحابل بالنابل” ليكون خطيبا حسينياً في عاشوراء ، وهو يتحدث عن معنى “التشيع البريطاني” الذي أطلقه سماحة الولي الفقيه السيد الخامنئي (دام ظله) في بعض خطاباته للتعبير عن ظاهرة شاذة ومنحرفة ألصقت بالتشيع في الآونة الأخيرة .
ولكن هذا المتحدث المشهور شرح للناس معنى المصطلح بطريقة فيها الكثير من المغالطات ، فقال : إن السيد الخامنئي (دام ظله) يقصد بـ “التشيع البريطاني” ؛ الشيعة الذين يعيشون في بريطانيا والغرب !!! وأن هذا المصطلح ظهر بسبب خلاف بين السيد الخامنئي (دام ظله) والشيرازية !!!
ثم إنطلق يحلل عن تأريخ التشيع في بريطانيا !!!!

وشرحه هذا يُذكّرني بقصة ذكرها أستاذنا في اللغة الفارسية عندما كنت أدرس في الجامعة ، حيث ذكر أن كلمة (شير) في اللغة الفارسية لها عدة معاني منها (الأسد والحليب والحنفية) .
ولكن احد الطلاب لم يحضر إلا عندما شرحوا معناها الأول (الأسد) وغاب عن بقية الدروس.
وفي الاختبار جاء نص للترجمة يقول : أن الأم أعطت أبنها الصغير بعض المال وقالت له : اذهب إلى الدكان واشتري لنا (شير) وتقصد (حليب) . فأخذ الولد الإناء وذهب للدكان …..
فترجم الطالب القطعة هكذا : أن الأم أعطت ابنها الصغير بعض المال وقالت له : إذهب إلى الدكان وإشتري لنا (أسد) فذهب الولد إلى الدكان وقال للبائع أعطني (أسد) فوضع البائع (الأسد) في الإناء ، وفي الطريق وقع الولد ووقع (الأسد) على الأرض …… ثم أكمل القصة من خياله كيف أن (الأسد) بدأ يهاجم الناس ……. إلخ.

وهذا المتحدث المشهور فعل كما فعل صاحبنا المترجم . ولكن يا ترى هل هذا الخطأ نتج عن جهل أم عن قصد ؟ خصوصاً وأن صاحبنا يحمل شهادة دكتوراه !!!

المهم نعود لموضوعنا : هناك مصطلحان ظهرا في العقود الأخيرة :
الأول : الإسلام أو التسنن الأمريكي :
ظهر هذا المصطلح في ثمانينات القرن الماضي ليُعبر عن الحركات الإسلامية (السنية) التي صنعتها المخابرات الأمريكية لتواجه بها الغزو السوڤياتي لأفغانستان أولاً ، وثانياً لمواجهة الثورة الإسلامية في إيران وامتداداتها في العالم الإسلامي . ثم استعملت لضرب الإسلامي السياسي السني لاحقاً ، وأخيراً استعملوها لمواجهة التشيع في العراق ولبنان بعد سقوط نظام البعث وأحداث سوريا.

الثاني : التشيع البريطاني أو الإنجليزي :
ظهر هذا المصطلح في السنوات الأخيرة ، وذلك أنه بعدما شعرت الدوائر الإستخبارية بالفشل في مواجهة التشيع من الخارج ، فحولت الخطة لضرب التشيع من الداخل ، فصنعوا ما عُرف لاحقاً بـ “التشيع البريطاني”، هو جماعات (شيعية) متطرفة تعمل لضرب التشيع من الداخل بإسم التشيع ، ومن أهم مواصفات تلك الجماعات :
ـ محاولة ضرب المرجعية الدينية ، وتوهين مكانتها .
ـ معاداة الجمهورية الإسلامية وولاية الفقيه.
ـ إثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين السنة والشيعة.
ـ إثارة الفتنة بين أتباع المرجعيات الدينية الشيعية .
ـ التبشير بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ـ التركيز على الطقوس الشاذة والمنحرفة أو التي هي موضع إثارة واختلاف .
ـ محاولة إنتاج جيل من شباب الشيعة مطبع مع الصهيونية ولا يهتم بالقضايا الإسلامية.
ـ العمل على غسل أدمغة شباب الشيعية للإيمان بالنقاط السابقة.

وقد تم تمويل هذه الجماعات بالملايين من الدولارات والجنيهات الإسترلينية ، وفتحت لها مؤسسات ومراكز وقنوات فضائية. كما قامت هذه الجماعات بإختراق الكثير من المراكز الإسلامية بشتى الطرق ، كما قامت بإستقطاب بعض الشباب ومنهم أبناء علماء وأحفاد مراجع ، وقامت بأخذ بعضهم لزيارة الكيان الصهيوني ، حتى صار بعضهم يصرح بعلاقاته مع الصهاينة علناً .

وخلاصة الأمر :

أن المقصود بـ “التشيع البريطاني” ليس الشيعة الذين يعيشون في بريطانيا أو الغرب ، وإنما هو ذلك الفكر المنحرف عن التشيع الأصيل ، والفكر المشوه الذي لا يمُت للتشيع الإسلامي المحمدي العلوي الحسيني الأصيل الذي ورثناه أباً عن جد .

وإلا فمرجعياتنا الدينية ـ ومنها مرجعية السيد الخامنئي (دام ظله) ـ كانت وما زالت ترعى المسلمين والمؤمنين من أتباع أهل البيت (ع) في كل دول العالم ، ومنها بريطانيا ، وتعمل على دعمهم بكل الوسائل المادية والمعنوية لتقويتهم والمحافظة عليهم، فأنشأت لهم المراكز المدارس ، وأرسلت لهم خيرة العلماء والخطباء والمبلغين .

ومن هنا يتبين أن ذلك التدليس في كلام المتحدث المشهور ينطلق من أحد إحتمالين لا ثالث لهما :

1 ـ إما أن يكون ناتج عن جهل بالموضوع، وهذا ما نتمناه ، ويفترض به الإعتذار عن ذلك الخطأ .

2 ـ أو يكون ذلك التدليس مقصود ، وهذا يدفع إلى الإعتقاد بأن المتحدث نفسه من أتباع ذلك “التشيع البريطاني” ، وأنه أراد بذلك التدليس خلط الأوراق . وتضليل الناس ، وهذا ما لا نتمناه له ولا نرجوه ، ففيه خسران الدينا والآخرة . وهذا أيضاً يؤكد ما عرضناه من معنى “التشيع البريطاني”.

اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وإرزقنا إجتنابه .

والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here