بقلم // د.عبد الكريم السوداني

لعل اغلب من قرأ مقالنا ليوم امس والذي كان بعنوان ( من يفوز بالانتخابات المبكرة ؟ومن يشكل الحكومة القادمة ؟)

توجه لنا بالسؤال الاتي ماهي التغييرات الحقيقية التي نتجاوز بها كل الاخطاء والمشاكل والمعوقات بدلا من الذهاب الى الانتخابات المبكرة التي ستعيدنا الى نفس المربع ؟

ليس في الاجابة من جديد فالعراقيون الذين هم خارج الانتماءات الحزبية قد سئموا هذه الاحزاب وليس باستطاعتهم الذهاب الى اي انتخابات بل لم يحتملوا مشاهدة صورهم التي تملئ الساحات قبل الانتخابات !

انهم يبحثون عن الجديد الذي يمكن له ان ينقذ ماتبقى . وبصراحة لاجديد امامهم غير المستقليين اللذين لم ياخذوا فرصتهم الحقيقية رغم التضحيات التي قدموها وهم من يتحمل مسؤولية ذلك بسبب عدم اتفاقهم على مسائل كثيرة يقف في مقدمتها عدم الاتفاق على قيادة موحدة وعلى خطة عمل مشتركة وواضحة .

اما بالنسبة للعراقيين المنتميين لهذه الاحزاب التي حكمت العراق على مدى العشرين سنة الماضية فهؤلاء مصيبتهم مصيبة كل منهم يرى بنفسه المنقذ الحقيقي للواقع العراقي متناسيا انه كان ومازال جزءا لايتجزأ من جميع الحكومات.

وفي الوقت الذي يؤكد قادة الاحزاب فشلهم علنا فأن جماهيرهم دائما ماتبحث عن التبريرات وعن تأكيد النجاح الذي تحقق من وجهة نظرهم . وقد يتفاجأ البعض عندما نقول ان هؤلاء صدقوا القول فأنهم نجحوا . نعم لقد نجحوا في تحقيق اهدافهم الخاصة بهم وبأحزابهم حيث استطاعوا بأوقات قياسية بناء مقراتهم وتسليح مجاميع كبيرة من المنتميين لهم واصبحوا يمتلكون المال والسلاح . فأي نجاح اكبر من هذا بالنسبة لهم اما اذا اردنا ان نبحث عن علامة نجاح واحدة تحققت للمواطن العراقي فمعذرة هذه من المهام الصعبة ان لم تكن مستحيلة .

هذا الجهمور المنتمي للاحزاب كون له مجتمعا خاصا به فجمهور كل حزب من الاحزاب لايلتقي مع جمهور الاحزاب الاخرى ولايلتقي مع الجمهور العراقي غير المنتمي للاحزاب فهو يلتقي مع نفسه فقط .

وهنا اصبحت القطيعة التي ادت الى استثناء الجمهور العراقي غير المنتمي للاحزاب من جميع الحسابات !

الامر الذي جعل هؤلاء يبحثون عن الجديد الذي ينتشلهم من الواقع..

الجديد الذي يجلس معهم ويحاورهم ويستمع اليهم ويسمع منهم . الجديد الذي يشعرهم بوجودهم كمواطنيين فاعلين ولهم طموحاتهم وارائهم. ولكن هيهات لم يتحقق لهم شيئا من ذلك .

فمن المستحيل ان تبتعد الاحزاب عن العملية السياسة وان تبتعد عن الانتخابات المبكرة التي نادى بها السيد مقتدى الصدر ووجدت صداها لدى باقي الاحزاب فمتى ما اجريت هذه الانتخابات وتحت اي قانون انتخابي وفي اي ظرف من الظروف سيعود هؤلاء الى الساحة ويتصدرون المشهد السياسي ولا كأن شيئا قد حدث !

لذلك فان التغييرات الحقيقية التي يبحث عنها الجميع لابد ان تكون قابلة للتطبيق اذ يعتقد البعض ان تغيير الدستور مثلا من المسائل السهلة والقابلة للتطبيق في حين انها من المسائل شبه المستحيلة في الوقت الحالي وان مسألة استبدال اعضاء مفوضة الانتخابات باعضاء مستقلين هي الاخرى من المسائل التي يراها البعض من المسائل السهله والممكنة الا انها ليست كذلك فالاحزاب المتمرسة تعرف من اين تخرج وكيف تعود .

لذا فأن التغييرات الحقيقية التي من شأنها ان تغير كل شئ انما تكمن في هدم بناء العملية السياسية من اساسها الهش الذي وضع له الامريكان الحجر الاساس في 2003 واعادة البناء من جديد على اساس قوي ومتين ويضع العراقيون له الحجر الاساس وليس غيرهم ويحتاج هذا البناء الجديد الى مهندسين وبنائيين متمرسين ومبدعين .

وبغير ذلك فان كل التغيرات ستكون شكلية وغير مؤثرة .

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here