الحجاب
بقلم // حسن عطوان
◀️ يقول عزَّ من قائل :
( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ …
وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ … ) [ النور : 31 ]
وسأبيّن إنْ شاء الله ما هو مفاد هذه الآية المباركة في نقاط موجزة :
🖋 النقطة الأولى :
هذه الآية الكريمة واضحة الدلالة على الأحكام التالية :
1. ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها ) ،
والإبداء : هو الإظهار .
أي : يحرم على المرأة إظهار زينتها أمام الرجل الأجنبي .
وقد إستثنت الآية الكريمة من الزينة التي يحرم إظهارها : ما ظهر منها .
وورد في بعض الروايات أنَّ المراد بما ظهر منها : الوجه والكفان .
🖋 تفصيل ذلك :
في تفسير الزينة التي يجب سترها ، يوجد رأيان :
◀️ الأول :
إنّ المراد بها : مواضع الزينة ؛ لأنَّ الكشف عن أدوات الزينة بدون أنْ تلبسها المرأة كالقلادة والسوار لا مانع منه ، فالمنع يخص مواضعها كالرقبة والصدر واليدين .
وورد تفسير الزينة بمواضعها في عدد من الروايات .
وعلى هذا : فالآية الكريمة تدل على وجوب ستر تلك المواضع وحرمة كشفها .
◀️ الرأي الثاني :
أنَّ المراد بها : نفس ما تتزين به المرأة .
والقرينة على ذلك هي قوله تعالى :
( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) ، فإنَّه من الواضح أنَّ ضرب الرجل على الأرض لا يؤدي الى العلم بموضع الزينة ، انّما يؤدي الى العلم بنفس الزينة من الخلخال ونحوه ، فإنَّ ضرب الرجل يوجب سماع صوت نفس الخلخال .
وعلى هذا فالمُحَرَّم هو إظهار أدوات الزينة عندما تكون علی جسم المرأة ، ومن الواضح أنَّ إظهار هذه الزينة يكون مُستلزماً لإظهار مواضعها من الجسم .
والنتيجة واحدة .
وعليه فإنّه :
◀️ يَحْرم على النساء إظهار مواضع الزينة غير الظاهرة كالصدر والساق واليد ، دون الظاهرة التي هي الوجه والكفان بحسب بعض الروايات .
◀️ ويَحْرم عليهن ايضاً : إظهار زينتهنّ ، أي لا يجوز لهن الكشف عن زينة او ثياب يَتَزَيّنَّ بها ، حتى لو كان ذلك لا يستلزم إظهار جزء من أجسادهن .
2. ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ) ،
أي : على المرأة أنْ تضرب بخمارها على جيبها ، والخُمُر جمع خمار ، وهو ما يستر الرأس ويغطيه .
والجيوب جمع جيب وهـو الصدر أو أعلاه .
ففي كتب اللغة :
أنَّ الجيب يأتي بمعنى ياقة القميص ، وقد يُطلق علی الجزء الذي يحيط بأعلی الصدر لمجاورته الياقة ، وقد يُطلق على فتحة القميص التي يظهر من خلالها النحر .
قال صاحب المصباح المنير :
” جيب القميص : ما ينفتح على النحر ” .
◀️ فيجب ضرب الخمار على الرأس والصدر والنحر وما قاربهما .
والمراد من الأمر بضرب الخمار على الجيب : ستره وتغطيته .
ويؤيد ذلك ما ذُكر في أسباب النزول : من أنَّ عادة النساء قبل نزول الآية الكريمة كانت عـلى رمي طرف الخمار على الكتف بشكل يُظهر الصدر أو جانب منه ، فجاء الأمر بضرب الخمار على الجيب ليتحقق ستره .
وفي إستعمال كلمة الضرب دلالة على وجوب إسدال وإلقاء الخمار على الجيب بنحو مُحْكَم .
3. ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) ،
أي على المرأة ألّا تضرب الأرض بقوة برجلها حينما تمشي لأجل أنْ يُسمع صوت الزينة من خلخال ونحوه ؛ فتُثير إنتباه الرجال .
🖋 النقطة الثانية :
ويُستدل بالآية الكريمة ايضاً على جواز إظهار المرأة لوجهها وكفيها ،
وذلك بأحد البيانين التاليين :
◀️ الأول :
إنَّ المراد من الزينة الظاهرة مواضعها دون نفسها ، إذ نفس الزينة يجوز إبداؤها والنظر إليها سواء كانت ظاهرة أم باطنة ، فالتخصيص بـالظاهرة وأنّه لا يجوز إبداء الزينة إلّا ما ظهر منها يدل على إرادة مواضعها ، وليس ذلك إلّا الوجه والكفين ، فيثبت جواز إبدائهما وعدم وجوب سترهما .
◀️ البيان الثاني :
التمسك بفقرة ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ) ،
فإنَّ تخصيص الجيوب بوجوب الستر يدل على عدم وجوب ستر الوجه ، وإلّا كـان الوجه أولى بـالذكر مـن الجيب لأنَّ الخمار يستر الجيب غالباً دون الوجه .
ونتيجة ذلك كما يرى المشهور :
جواز كشف المرأة عن وجهها وكفيها .
ولكن بشروط ثلاثة :
◀️ أحدها :
أنَّ القول بإستثناء الوجه والكفين من وجوب الستر هو في حالة عدم التسبب بإغراء او ريبة ، كما لو كانت المرأة جميلة ، وإلّا فيجب على مثل هذه المرأة ستر حتى الوجه والكفين .
◀️ وثانيها :
أنَّ جواز إظهار الوجه والكفين للأجنبي مقيّد بأنْ لا يكون فيهما زينة مضافة ، كما هو شائع هذه الأيام من خروج المرأة ب ( المكياج ) ، فلا يصح الظهور بمثل ذلك أمام الأجنبي .
◀️ وثالثها :
أنَّ جواز إظهار الوجه والكفين لا يعني جواز نظر الرجل الأجنبي بريبة وتلذذ .
🖋 النقطة الثالثة :
أنّه يمكن أنْ نستفيد مـن فقـرة :
( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) ،
أنّه يَحْرم على المرأة أنْ تفعل كل ما من شأنه إثارة شهوة الرجال من قبيل ضرب الرِجِل بالأرض ليُسمع صوت الخلخال ، او التعطر بالعطور المثيرة ، أو إظهار الملابس الضيقة ، ومـا شـاكـل ذلك ؛ لعـدم الخصوصية للضرب بالأرجل .
◀️ وفي آية أخرى ، يقول سبحانه :
( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) [ الأحزاب : 59 ]
الجلابيب جمع جلباب ، بكسر الجيم ، وهو إمّا بـمعنى الخـمار السـاتر للرأس والوجه ، أو بمعنى الثوب الساتر لجميع البدن .
وقيل : هو ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقي منه ما ترسله على صدرها .
وقيل : هو القميص .
و( یدنین ) بمعنى يقرّبن ، أي يقربن الجـلباب إلى أبـدانـهـن ليكـون أسـتر لهّن .
◀️ والمعنى :
قل لنساء المؤمنين : أنّه يجب عليهن أنْ يسترنَّ جميع بدنهن بواسطة جلابيبهن ؛ فإنَّ ذلك أقرب لأنْ يُعْرفن بأنّهن نساء صالحات عفيفات ، فلا يؤذينَ من قبل أهـل الفسـق والفجور .
هذا ماورد في القرآن الكريم ..
◀️ أمّا الروايات فكثيرة ، منها :
صحيحة الفضيل ، قال :
( سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الذراعين من المرأة ، هما من الزينة التي قال الله : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) ؟
قال : نعم ، وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين ) ( 1 ) .
وفيها دلالة على أنَّ المرتكز في ذهن السائل حرمة إظهار أيّ جزء من جسد المرأة ، انّما يسأل عن شمول تلك الحرمة لإظهار الذراعين ، فأقره الإمام على ذلك الإرتكاز.
وأجابه : بشمول الحرمة لإظهار الذراعين ، فالزينة التي يحرم إظهارها هي ما دون الخمار وما دون السوارين .
( ما دون الخمار ) : اي الحنك والرقبة وما هو دونهما كالصدر ونحوه .
( ما دون السوارين ) : أي ما بين السوارين الى الكف .
وعليه : فالمُحَرَم إظهاره هو كل جسد المرأة .
◀️ واستثنى المشهور الوجه والكفين من وجوب الستر.
بخلاف ما بنى عليه جملة من الفقهاء – منهم السيد الخوئي رحمه الله – من وجوب سترهما أيضاً ببيان نُعْرض عن ذكره روماً للإختصار
🖋 النقطة الرابعة :
لابد أنْ تعلم أخواتنا وبناتنا :
📌 أنَّ مَن يدعوهن للإلتزام بالعفة والحجاب ، هو مَن يحترمهن ويُبَجلّهنّ ،
وينظر لهن نظرة تقديس كأخواته او بناته .
فضلاً عن كونه يخشى عليهن من عذاب الله الشديد .
ومَن يدعوهن لخلع الحجاب ، هو في الحقيقة مَن لا يريدهن سوى سلعة معروضة للإمتهان والهتك وإثارة الشهوات !
وهو حتماً ممَن لم يضع الوقوف بين يدي الله في حساباته .
📌 إنَّ إستعراض النساء لأجسادهن أمام الرجال يرجع في حقيقته الى أنَّ المرأة تريد أنْ تستميل شهوة الرجل ليس إلّا ، وهذا تصرف مَن لا تحترم نفسها ولا تثق بنفسها كإنسانة قبل أنْ تكون مجرد أُنثى .
و لا تفعل ذلك مَن تفخر بأخلاقها وأدبها وعلمها .
📌 نعم ، للأسف بعض بناتنا متأثرات بما يُحيط بهن من ثقافة وبيئة وإعلام مما جعلهنَّ مُغَيّبات تماماً عن التأمل ومعرفة خلفيات الأمور ، و ما يُخَطَط لهن من شياطين الإنس والجن .
📌 هذا التغرير بالمرأة للكشف عن سترها وحيائها لن يبقيَ لها من إنسانيتها سوی أنّها أداة لإشباع شهوات الوحوش الكاسرة في صور البشر .
🖋 النقطة الخامسة :
أمّا المبررات التي يطرحها معارضوا الحجاب ، فهي مبررات واهية لا تعدو كونها من تسويلات الشيطان .
وأهم تلك المبررات :
1. أنّ النساء يُشَكْلنَّ نصف المجتمع ، والحجاب يجعلهنّ في معزل ، ويكون ذلك سبباً في تأخّرهنّ الثقافي ، وإنعدام الإستفادة من هذه الطاقات العظيمة في كل مجال يُسبب هدراً وخسارة كبيرة للمجتمع .
ويردّه :
📌 أولاً :
مَن قال : أنَّ الحجاب يمنع المرأة من العمل والإبداع ؟!
فأمامك الكثير من أخواتنا وبناتنا المؤمنات قد وصلنَّ الى أعلى المراتب أكاديمياً وإجتماعياً وسياسياً ، وهنَّ ملتزمات بحجابهنَّ بأكمل وجه .
بل هاهنّ أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا لا سيما في الريف ، وهن يشاركنَّ الأزواج او الأهل بأشق الأعمال ، من زراعة وحصاد وتربية حيوانات ، وما الى ذلك ، مع حفاظهنَّ على حجابهنَّ العرفي الكامل وليس الشرعي فقط .
📌 وثانياً :
لو فُرض تنزلاً أنَّ الحجاب الكامل كلبس العباءة مثلاً قد يعيق المرأة في بعض الأعمال النادرة ، فما المانع أنْ يقتصر عمل المرأة على الأعمال التي لا يكون حجابها الكامل معيقاً لها ؟!
بل من الممكن جداً لها حينذاك أنْ تكتفي بحجاب لا يكون معيقاً لها كلبس الجُبّة او المانتو او ما يعرف بالعباءة الإسلامية .
📌 وثالثاً :
لماذا هذا الإصرار على إخراج جميع النساء للعمل ؟!
ألا يعتبر تفرغ المرأة لإدارة بيتها وتربية أبنائها وإيصالهم الى مواقع يخدمون فيها أنفسهم ومجتمعاتهم ودولهم عملاً مقدساً جباراً ؟!
📌 إنَّ الذين ينشرون ثقافة أنَّ إدارة المنزل وتربية الأولاد إمتهان لكرامة المرأة ، أمّا أنّهم يجهلون الأثر الكبير والمهم لهذا الدور في بناء الأسرة وبالتالي بناء المجتمعات ، او أنّهم يتعمدون إشاعة ذلك لأغراض مشبوهة .
📌 فمن الواضح أنَّ إظهار المرأة بما هي عليه في الغرب بل وفي بعض مجتمعاتنا الآن ، لا يخلو من تلك الأغراض ، فهم لم يكتفوا بنزع حجاب المرأة للمبررات التافهة التي تقدمت آنفاً والتي ستأتي ، بل أوصلوها الى التعري ، او لبس ما لا يصلح إلّا لغرف النوم .
وإلّا فما علاقة الثقافة والتطور ومشاركة المرأة في الحياة العامة بهذا التبرج والعري وكشف المرأة لجسدها بهذا النحو ؟!
📌 لا أحد يُنكر أنَّ الكثير من تصميمات الأزياء وراءها أغراض مشبوهة ، تُظهر المرأة وكأنّها مجرد كيان خُلق للإغراء ، وهي تفعل ذلك دون أنْ تدري أنّها عندما تظهر بهذا الشكل ففي ذلك سحق لكرامتها .
مَن إبتكر الحذاء ذا الكعب العالي مثلاً ، من الواضح أنّه تقصد إجبار المرأة على المشي بطريقة مغرية .
بل أضافوا للكعب ما يجعله يُظهر صوتاً عند المشي ، ليصرخ ذلك الكعب :
أنْ يا أيها الرجال هلمّوا وانظروا !!
ومَن إبتكر الزي الذي تُظهر المرأة فيه جزءاً من بطنها !
هل لأنّها اذا سترت بطنها فسوف تتأخر عن ركب الثقافة والعلم ؟!
📌 الغريب أنَّ الإتحادات الرياضية الدولية تسمح للرجل لبس السروال والتشيرت الذي يغطي كامل جسده ، وتفرض على المرأة أنْ تلبس ما يُظهر بطنها وفخذيها !
2. يقول الداعون لنزع الحجاب :
أنَّ حجاب المرأة وعدم إختلاطها مع الرجل في مواقع العمل والدراسة كالجامعات مثلاً ، يؤدي الى الكبت وزيادة الرغبة عند الشباب ؛ لأنَّ الإنسان حريص على ما مُنع !
وهذا ليس بصحيح جزماً ، فحتى مراكز الدراسات الحديثة في الغرب بدأت تصرح بقلقها من هذا الإنفلات ، فكلما ازداد الإختلاط وعدم الحشمة ، أُثيرت الغرائز والشهوات ، وإزدادت ظواهر الفحشاء ، والأبناء غير الشرعيين ، وإنفصال الأزواج وتفكك الأسر ، ومشاكل لا تُحصى .
لا أُريد أنْ أقول هنا أنَّ الإلتزام بالحجاب سيُحل المشكلة برمتها ، إنما مما لا إشكال فيه أنّه سيُخفف منها الى حدٍّ كبير .
3. يحاول بعض شياطين الإنس أنْ يشيع مقولة : أنَّ غير المحجبة تملك قلباً طيباً ، ولا تؤذي أحداً ، وتساعد الفقراء ، ووو .
وبعض المحجبات لسّنَ كذلك !
ونقول : وهل كل السافرات طيبات القلب ، في كل فئة يوجد من هذا وذاك !
ثم ما علاقة هذا بهذا ، فكما أنَّ طيبة القلب شيء محبذ ، والتصدق أمر مطلوب ومستحب ، فالحجاب واجب وفرض ،
( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) [ البقرة : 85 ] .
◀️ ملخص المقالة :
1. يجب على المرأة المؤمنة – من حين بلوغها سن التكليف – ستر جميع بدنها عن الرجل الأجنبي .
2. هذا الوجوب ثبت بنص القرآن الكريم فضلاً عن الروايات المؤكدِّة الواردة عن أهل بيت العصمة ، وبالتالي فهو غير قابل للأخذ والردّ او للإجتهاد ، وإلّا كان إجتهاداً في مقابل النص .
3. ليس للحجاب الساتر شكل محدد ،
اذ المهم فيه :
ستر كامل بدن المرأة ،
بحيث لا يكون ضيقاً مُفصلاً لجسدها ،
ولا خفيفاً يكشف عمّا تحته من جسدها ،
ولا مثيراً للإنتباه والريبة .
فيكفي فيه لبس الجبة او العباءة العريضتين ، وأفضله لبس العباءة العراقية .
4. أُستثني من وجوب الستر : الوجه والكفان ، على خلاف بين الفقهاء في ذلك ، فالمشهور عدم وجوب سترهما بشروط تقدمت ،
والسيد الخوئي ( رحمه الله ) وآخرون يوجبون سترهما كسائر البدن .
📌 وفي خاتمة المطاف أُذَكّر بناتنا بالرواية التالية :
جاء في رواية عن الإمام الجواد عن آبائه عن أمير المؤمنين ( عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام ) أنّه قال :
( دخلت أنا وفاطمة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فوجدته يبكي بكاءً شديداً ، فقلت له : فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك ؟
فقال : يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد فأنكرت شأنهن ، فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن .
ثم ذكر حالهن – الى أنْ قال : –
فقالت فاطمة : حبيبي وقرة عيني أخبرني ما كان عملهن ،
فقال : أما المعلقة بشعرها فإنّها كانت لا تغطي شعرها من الرجال …
وأمّا التي كانت تأكل لحم جسدها فإنّها كانت تُزَيّن بدنها للناس …
وأمّا التي كانت تقرض لحمها بالمقاريض فإنّها كانت تعرض نفسها على الرجال … ) ( 2 ) .
أعاذنا الله سبحانه .
أسأل الله سبحانه لجميع أخواتنا وبناتنا
أنْ يوفقهن لكل خير ، ويوصلهن لأعلى مراتب العلم والأخلاق ، وأنْ يسترهن بستره ،ويرزقهن بالحلال ما يكون معوضاً لهن عمّا هو من طرق الحرام والريبة .