كنوز ميديا / تقارير
فاحت رائحة الفساد مُجدداً من المحافظات التي تسيطر عليها القوى السياسية السُنية، والأحزاب المهيمنة على المناصب الحكومية، ومنها صلاح الدين والانبار، ولم يقتصر الفساد على ملف دون آخر، وانما شمل جميع الجوانب ومسَّ حياة المواطن بشكل أساسي، خصوصا في جانب الخدمات وبناء المدارس والمستشفيات والمؤسسات الخدمية الأخرى.
المحاصصة الحزبية وبيع وشراء المناصب بين القوى السنية، أصبح علنيا وفي وضح النهار، بعيداً عن الرقابة الحكومية والمحاسبة القانونية، نتيجة التوافق الحزبي مع القوى السياسية الأخرى في تشكيل الحكومات المتعاقبة، مما خلق حالة من الفوضى الادارية والحكومية، وتفشي واستفحال الفساد وتغوّل الفاسدين في بناء منظومات سرقة، تفننوا بتبويب السرقات في المشاريع الخدمية .
هيأة النزاهة وفي آخر تقاريرها كشفت عن ضبط هدر بثلاثة مليارات دينارٍ من المال العام من مجموع الأموال المُخصَّصة لمشاريع إنشاء مدارس في محافظة صلاح الدين، وصرفت هذه الاموال بأمر من محافظ صلاح الدين السابق عمار جبر التابع لحزب “تقدم” الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والذي صدر بحقه سابقا حكم غيابي بالسجن 10 سنوات بتهمة هدر المال العام .
المحلل السياسي مؤيد العلي، وفي تصريح أكد، ان “بعض الأحزاب السياسية تصدّر أفشل وأفسد الشخصيات للمناصب الحكومية، من أجل تنفيذ غاياتها وأهدافها، بعيدا عن خدمة المواطن”، مشيرا الى ان “جميع المناصب الحكومية خاضعة للمحاصصة الحزبية وهذا الامر يعد أساس مشكلة الفساد والفشل في مؤسسات الدولة”.
وتابع، ان “مكافحة الفساد لا تتم عبر المؤتمرات والتصريحات والاجراءات المشتتة، وانما يحتاج الى ارادة وطنية حقيقية سياسياً وحكومياً وقانونياً، مشدداً على ضرورة ان تتم محاسبة الأحزاب التي عينت المتورطين بالفساد، كونها هي من رشّحت ونزهت تلك الشخصيات بالتالي فهي تعد شريكاً أساسياً بالسرقة وهدر المال العام”.
وتابع، ان “الاجراءات الحالية لا ترتقي وحجم الأزمة في البلاد خصوصا في ادارة المحافظات والحكومات المحلية وبينها المحافظات المحررة، فسرقة المال العام مستمرة نتيجة هيمنة بعض الأحزاب على القرار وتعيين المحافظ من قبلها، ويكون خاضعا بشكل كامل لإرادتها ويكون محمياً بعد ان يقوم بالسرقة ويتم تهريبه الى الخارج ويفلت من العقاب”، مشدداً على ضرورة إعادة النظر بجميع الاجراءات في مقدمتها السياسية في اختيار الشخصيات للمناصب التنفيذية.
يذكر ان المحافظات المحررة في مقدمتها الانبار وصلاح الدين اللتان تقعان تحت سيطرة حزب تقدم، تشهدان ملفات فساد كبيرة وضخمة سواءً في ملف اعادة الاعمار للمناطق المحررة أو في توفير الخدمات والمشاريع، وتقدر بأموال طائلة حصلت عليها من موازنات الدولة ومن المنح الدولية وصناديق التنمية، ويتهم الحلبوسي بإدارة هذا الملف وتورطه وأفراد حزبه وعائلته بسرقة أموال طائلة، في المقابل تم انشاء مشاريع لا ترتقي وحجم الاموال، ولم يتم انشاء أي مشروع استراتيجي كبناء المؤسسات والمستشفيات والمصانع وغيرها، وان ما انجز من بعض المشاريع كتعبيد الطرق الرئيسية وساحات وحدائق عامة، كان من أجل التسويق الاعلامي فقط، بحسب مراقبين للشأن السياسي.
وكانت هيأة النزاهة قد كشفت في بيان لها عن ضبط أوليَّات صرف مبلغ 3 مليارات دينارٍ تُمثلُ ما يعادل (51 %) من قيمة مشروع إنشاء (11) مدرسةً في عموم مناطق المحافظة”، مُبيّنة أنَّ “هذه الأموال سُلِّمَت كسلفةٍ تشغيليَّـةٍ إلى لجنة التنفيذ المُباشر بأمر محافظ صلاح الدين السابق، ولفتت الى انه “في عمليَّةٍ ثانيةٍ، “تمَّ ضبط (13) تقريراً طبياً صادراً عن دائرة صحَّة صلاح الدين – شعبة اللجان الطبيَّة بأسماء عددٍ من المُواطنين مُعنونة إلى قسم ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصَّة في المحافظة”، مُنوّهة الى أنَّ إجراءات المكتب أحبطت عمليَّة إطلاق منحة رواتب رعاية اجتماعيَّة (منحة المعين)، بناءً على تلك التقارير المُزوَّرة”.