بقلم// سامي جواد كاظم
عندما يعرض عليك مضيفك ما ترغب فيه شايا أم قهوة، فإن الخيار لك وبحرية تختار ما تريد ولكنك لا تستطيع أن تختار العصير لأنه ليس ضمن القائمة وهكذا فإنك مارست الديمقراطية باختيارك ما ترغب ولكن الاصل ليس باختيارك وأي منهما تختار فهو أصلا مُختار، وفلسفة الحديث عن الديمقراطية لغرض التجميل والتبرير وحتى الفرض على الشعوب فإنها فضفضة الفارغ الذي لا يملك شيئا، نعم بالتعريف والغاية تراها جدا رائعة وتجعل المواطن يشعر بأن له حق تقرير من هو المسؤول، ولكن متناسين كثيرا من المتعلقات الضرورية للديمقراطية والتي لا يمكن لها أن تنجح إلا وفق متطلبات معينة .
في العراق بعد الاحتلال اصبحت الديمقراطية محل استهزاء وغضب بل وأغلبنا بعد سنة 2005 لا نعرف ولم نسمع عن أحد اساليب الانتخابات يعني سانت ليغو، ومعرفتنا بالديمقراطية كما هو ظاهر حكم الشعب، بينما فلاسفة الديمقراطية جعلوا لها انواعا منها الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية الرئاسية والطامة الكبرى بالرئاسية .
الديمقراطية الرئاسية فاشلة بامتياز مهما كانت نتائجها ويكفينا أن هنالك من فاز بالانتخابات وفشل في ادارة الدولة فاُقيل او انقلبوا عليه كما هو حال مصر وكارتر ونيكسون أمريكا. واما في العراق فلا وجود لصورة زاهية للديمقراطية اطلاقا.
الملوك لا يأتون بالديمقراطية بل بالمؤامرات والانقلابات وتسلط الحاكم الذي يأتي على اكتاف الشعب فيخدعهم ويعلن نفسه ملكا، وأما ممالك أوروبا فهي اشبه بالإرث السياسي القديم ومجرد اطار صورة وبذخ اموال عليهم أي على الملوك الذين هم اشبه بتحفيات في متحف. وهذا لا يعني انه لا يوجد ملك عادل .
عندما يكون شعب غالبيته العظمى دون متوسط الثقافة ونسبة الامية متفشية فكيف يستطيع الناخب أن يعرف مؤهلات الحاكم حتى يستطيع أن يمنحه صوته؟ فالعاطفة عند العراقيين سواء كانت مذهبية او قومية فانها جامحة هذا ناهيك عن مثل متداول بين الاوساط العراقية (شَيِّم العُربي وإخذ عبايته) فاذا ما ظهر شخص يخطب خطابات رنانة ويبكي على الفقراء فيتعاطف مع الناس وكأن السياسة هي البكاء على الفقراء.
ضمن مؤسسة واحدة ولها نمط ثقافي واحد مهما تكن من الممكن ان يكون اختيار رئيسها بشكل ديمقراطي ضمن افراد المؤسسة لانهم أدرى بطبيعة عملهم ومن هو الكفوء في الادارة، اما ينتخب الشعب الكتلة الفلانية لاجل سياسي ما ويأتي المحافظ من خارج الاسوار، او ياتي رئيس وزراء حصل على 2000 صوت يعني حتى الكوتة كما يسمونها اصحاب الشأن لم تتحقق ليزيح شخص حصل على (750000) صوت، فهل هذه الديمقراطية؟
الديمقراطية التمثيلية هي الافضل عندما تكون وفق الرقع الجغرافية للمدن ويكون الترشيح لمن له سجل مليء بالانجازات ومعطر بالنزاهة ليمثل مجموعة سكانية معينة لرقعة جغرافية ايضا معينة ويتشكل البرلمان منهم فقط، مع الاخذ بنظر الاعتبار عدم وجود احزاب وكتل، ففي العراق لا يوجد انتماء لحزب باعتبار انه يحمل مبادئ تحقق طموح الشعب لا يوجد اطلاقا، الانتماء فقط لاجل التعيين ضمن الوزارة التي هي من حصة الحزب الفلاني .
ألا توجد دول بلا ديمقراطية مستقرة وتعيش بافضل مستوى معيشي؟
جانب آخر عجيب في الديمقراطية وهو تأكيد لعدم ثقة مؤسسي الديمقراطية بالديمقراطية وهو اولا السؤال هل الغاية من الديمقراطية الحصول على حاكم كفوء ومهني ام تحقيق اغلبية الشعب؟ فان كانت الاولى فلماذا لا يسمح له إنْ نجح بدورتين قيادة البلد الى افضل حالاته من حيث الاقتصاد والسياسة؟ جوابه يقولون خوفا من الديكتاتورية، أقول انظروا للسودان التي ازاحت ديكتاتور ومزقت الشارع السوداني بالرغم من تملق وتخاذل أحد قادتهم العسكر للصهاينة ولأمريكا .
وإنْ قلتم الثانية فكم من أغلبية أخطات في الاختيار وقاد حاكمهم الفائز ديمقراطيا بلدهم الى أزمات؟