بقلم // محمود الهاشمي
مازالت اسرائيل تتحدث عن عودة الحرب في غزة رغم الهدنة المعلنة على مدى اربعة ايام والتي مازال ملف الاسرى وتبادلهم هوى الطاغي في المشهد العام .
صحيح ان مخطط الحكومة الصهيونية اليمينية الحاكمة الان يقضي باخراج الفلسطينيين عموما من ارض فلسطين
بعد اكراههم على الهجرة بسبل مختلفة من مداهمات واعتقالات وقتل وترهيب وغيرها ،وبناء المزيد من المستوطنات ،
لكن بالقدر الذي كانت فيه اسرائيل تخطط كانت المقاومة ايضا تعد لمعارك اكبر وتجهيز وتدريب وتسليح وجمع معلومات واستعداد للمواجهة .
المقاومة كانت تراقب الاحداث السياسية
في الارض المحتلة عن كثب ،وتعلم ان السكان الصهاينة منقسمون على انفسهم
ويوشك التصادم ان يحدث بين الطرفين المصطرعين ،وان الولايات المتحدة باتت تحس بالعبأ من وجود اسرائيل بمنطقة الشرق الاوسط عموما،وانها (لاتقبل )باي شكل من اشكال التهدئة التي تحتاجها امريكا في ظل الظروف الدولية وخاصة الحرب في اوكرانيا .
ان واحدة من تجليات رغبة اسرائيل في استمرار الحرب على غزة هو تواصلها المداهمات في الضفة الغربية وارتفع عدد الشهداء إلى نحو 238 منذ بدء معركة طوفان الأقصى وحتى يوم الهدنة
23-11-2023
المزاج العام الاسرائيلي يميل ان تستمر الحرب حتى بعد الاعلان عن الهدنة لانهم يعتقدون ان (معركة طوفان الاقصى )معركة(وجود) وبقاء (المقاومة )يعني ان (الوجود الاسرائيلي )مهدد ولايستطيع احد ان يمارس حياته في ظل خصم (محترف )للقتال ومدجج بالسلاح والعقيدة ولديه (ثقافة )تفصيلية عن جميع مواقع المؤسسات الاسرائيلية ومهامها .
يقول الباحث في الشؤون الأمنية والشرق الأوسط في جامعة تل أبيب إيال زيسر( أن البعض يرى في الحرب على غزة “حرب استقلال ووجود” لتحديد مصير إسرائيل ومستقبلها في الشرق الأوسط على مدى 75 عاما مقبلة) ،ولكن السوال الاكثر حرجا للقيادات السياسية الصهيونية ؛-هل تملكون ان تواصلوا الحرب على غزة ؟
المتحدثون باسم الحكومة الصهيونية صرحوا ووعدوا بأن الجيش الإسرائيلي سيستمر في القتال والمعارك البرية في جنوب غزة عند انتهاء الهدنة،!!
(صدمة الخراب والقتل )الذي مارسه الجيش الصهيوني بحق اهالي غزة
وصمود المقاومة حتى اخر لحظة من اعلان الهدنة جعلت العالم باجمعه
يرقب مايحدث وان يقول كلمته عبر تظاهرات واحتجاجات واسعة لم تخلُ منها الا شوارع الدول المحكومة بالنار والحديد .
وجميع هذه (الاحتجاجات )جعلت الانظمة والاحزاب فيها تعيد ترتيب اولوياتها في الانتخابات وغيرها فيما هناك شبه اجماع دولي على حل للقضية
الفلسطينية يفضي الى امرين (حل الدولتين والعودة الى حدود 1967) .
اسرائيل منذ احتلالها لارض فلسطين
عملت على تفوقها العسكري وحين تمت مهاجمتها من قبل (الجناح العسكري لحماس ) في السابع من تشرين تتبوأ الرقم 18 بين الدول الأقوى عسكريا في العالم، وفق مؤشر “غلوبال فاير باور”، بينما تحتل المرتبة 12 بين الدول المصدرة للسلاح.
ويبلغ الإنفاق العسكري السنوي في إسرائيل 16 مليار دولار، وتلقت دعما عسكريا أميركيا بقيمة 58 مليار دولار في الفترة ما بين 2000 و2021،ناهيك عن نقل امريكا لبوارجها الحربية الى منطقة الشرق الاوسط مع بدء الهجوم .
في معركة (طوفان الاقصى )فقدت اسرائيل ورقة تفوقها العسكري بعد ان خسرت في يومين 700 قتيل وألفي جريح وعددا كبيرا من الأسرى خلال العملية التي شنتها عليها كتائب عز الدين القسام.)
وصول صواريخ المقاومة سواء من غزة او جنوب لبنان او سوريا واليمن الى الابعد من الاراضي المحتلة والتي لاتتعدى مساحتها (20)كم2 جعل جميع من يعيش بالارض المحتلة في حال من القلق سواء كان يملك راس مال او مشروع صناعي او سياحي او مصرفي وصولا الى صاحب المتجر الصغير فقد تيقن جميع من يسكن على ارض فلسطين من الصهاينة ان سرديات وجودهم ومصيرهم و(ارض الميعاد )مجرد وهم وجرّةٍ كسرتها (حماس )على رؤوسهم .!
لايريد احد من الصهاينة ان يصدق ماحدث يوم (7تشرين )لذا تجدهم مازالوا يتحدثون
عن (تهجير )و(تدمير )و(الغاء) الشعب الفلسطيني لكنهم (اخيرا )سيعرفون ان
(المقاومة )ليست مجرد (بندقية )انما هو مشروع دولة وتحرير ارض واظنهم اكتشفوا كيف ادار المقاومون معركة (طوفان الاقصى )بحرفية ومهنية عالية وكيف اداروا
التفاوض في الهدنة والاسرى ايضا ،في نفس الوقت اكتشفوا عمق القضية الفلسطينية وشعبيتها على طول الكرة الارضية وعرضها وكيف فضح الاعلام عقيدتهم وجرائمهم ،والاكتشاف الاكبر كيف شاركت فصائل المقاومة الاخرى
في لبنان والعراق وسوريا واليمن وفلسطين
في القتال وتشتيت تركيز العدو الصهيوني
فكان تضامنا ملفتاً لكثير من الجهات التي لم تكن ترى بالمقاومة مارأته في هذه المعركة من ثبات وشجاعة دون ان تستطيع الحكومات الرسمية ان توقف بأسهم وشدة ضرباتهم .
ماذا لو واصلت اسرائيل الحرب على اهالي غزة ؟
الدلائل تقول ان هذا الخيار بعيد الان ،وفيه مغامرة كبيرة ،
وكما يوصي المعلق السياسي الإسرائيلي البارز ناحوم، ابارنياع بخفض سقف التوقعات، ويقول إنه “بدلاً من الخروج يومياً بتصريحات “مطنطنة” حول تدمير “حماس” يفضّل خفض اللهجة، لأنها لا تُدخِل الإسرائيليين فحسب في بلبلة، بل الأمريكيين والمصريين والقطريين أيضاً، الذين نحتاجهم للوساطة، فالمصداقية حيوية في المفاوضات
ان رغبة رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو بمواصلة الحرب على غزة تبقى في بعدها للسياسي لادامة بقائه بالسلطة والخلاص من تهم الفساد غير كافية ومثلما كتب الكاتب الروسي ألكسندر ستافير (تحتاج القيادة الإسرائيلية إلى الحرب للحفاظ على السلطة. ومن دون تحقيق نصر حقيقي، لن يبقى نتنياهو على كرسيه الدافئ فترة طويلة؛) لذا تجد ان نتنياهو ليس له من سبيل اخر سوى الحرب وهذا مايقوله هو ( أن إسرائيل ستعود بكل قوة لتحقيق أهدافها في غزة بعد انتهاء الهدنة)ويؤكد (أنا مقتنع بأننا سننجح في هذه المهمة لأنه ليس لدينا خيار آخر”.)اذن ليس لديه (خيار اخر ) والحقيقة ليس لاسرائيل من خيار اخر لان الذهاب الى التفاوض يعني (نهاية اسرائيل )وزوالها ..واذا واصلوا الحرب ستستمر لاشهر او اكثر مثلما اكد
القادة الميدانيون لجيش الاحتلال وبذا ستدخل اسرائيل في اتون ازمة اقتصادية
فقد تواجه صعوبات لم تشهدها من قبل، وهو ما دفعها لمطالبة الولايات المتحدة بدعمها بمليارات الدولارات.
اما عسكريا فقد باشر بعض الضباط الصهاينة بالهروب وعدم المواجهة مع ابطال المقاومة،فيما ترى حماس ان التهديد الإسرائيلي باستئناف الحرب فارغ وهو للاستهلاك الداخلي.
باعتقادنا ان حرب غزة اوقفت القضية الفلسطينية عند مفترق طرق وستبقيها في المنطقة (الرمادية )الى حين ..
فالتوازنات الدولية في غرب اسيا وماتشهد من صراعات النفوذ ،هي من تحدد مستقبل القضية الفلسطينية ويبدو انها صعدت على السكة وبدأت تظهر ملامح الحل ،ولااظن ان صناعة (دولة فلسطينية على الطريقة الاميركية )مقبول وذلك بان تكون غزة (تحت وصاية السلطة الفلسطينية )ولاالحل المصري (دولة فلسطينية على حدود 1967منزوعة السلاح )