بقلم// ال فيصل الكاظمي
بعيدا عن الفلسفة المعقدة بين مفهوم الدولة والثورة ،والاستدلال عليهما مباشرة نقول :إن شيعة العراق عبر قرنين يفتخرون بثوراتهم بل يتصاعد الحماس فينبشون حفريات التاريخ عن مواقفهم ، وليس غريبا أو ادعاء فهم استمدوا وجودهم الثوري من تاريخهم الحسيني ع . لكنهم وقعوا بغفلة سياسية كبرى أن اعتقدوا أن دورهم منحصرا بالثورة وليس الدولة ،وهذا الخطاء تجسد بنتائج عكسية حققوها بعد ثورة العشرين، فكان نصيبهم التسفير باول قرار اتخذه عبدالمحسن السعدون حينما استلم المكون السني الحكم وقرار الدولة وبقية الثورة بيد الشيعة التي أفرغت من محتواها ، وتم ترحيل المرجع كل من ابو الحسن الأصفهاني والمرجع النائيني والمرجع الخالصي.بهذا المنهج والفهم الراسخ لأهمية الدولة والسلطة تمكن السنة من استلام الحكم منذ عام ١٩٢١ إلى عام ٢٠٠٣ فتسلط سيفهم على الشيعة والمذهب وبقي الشيعة تحت العذاب والموت والطرد والتهجير والسبب غلبة المفهوم الثوري وغياب فهم الدولة التطبيقي . المرجع السيستاني ملتفت جدا لهذه الغفلة مما جعله يرسم مستقبل وواقع العراق بعد ٢٠٠٣ بما يعزز وجود الشيعة في قلب الدولة ودستورها العتيد مع إشراك المكونات الأخرى لإنهاء تاريخ من التهميش والموت والعذاب .
تعتقد المرجعية ويعتقد الكثيرون من المهم أن ينتقل العقل الشيعي العراقي بقوة وإدراك إلى تعميق ثقافة الدولة، وجعل كل جهودنا منصبة بهذا الاتجاه . وهذا يعني أن الفلسفة الحقيقية لمعنى المقاومة هو : الجهد المشترك من المرجعية الدينية والجمهور والقوى السياسية وكل وجود لأجل الدولة طوليا معها ،ولا علوية عليها،فالدولة لها الأولوية وهي الهدف الاعلى .البعض يفهم أن الثورة غاية وهي أعلى قيمة من الدولة بينما العقل الشيعي منذ المشروطة والمستبدة إلى ثورة السيد الخميني ومنهج السيد السيستاني يركزون على الدولة كقيمة عليا حدا قال البعض: إن سبب اهتمام الامام الخميني بإقامة الدولة ورفضه أي بديل من الشاه حينما كان الشاه يفكر في عرض بعض الوزارات عليه فكان جواب الإمام الخميني: أنه لايمكن القبول بعرض حكومي عن إقامة الدولة ،وقالوا سبب الاصرارمن الإمام الخميني على إقامة الدولة لأنه فهم النصوص الشرعية بهذا الاتجاه ،وقالوا: لأنه يعتقد أن الدولة لابديل عنها عمليا ولابد أن ينتقل الشيعة من الثورة إلى الدولة ،وقالوا: إن السبب لأن أجداده ممن أسهموا في تأسيس دولة شيعية في الهند (الأوذة ) أو كانوا ضمن موسساتها فترسخت في أعماقه مفاهيم الدولة، ومهما يكن فإن الإمام يعتبر الدولة قيمة عليا . وقالوا إن سبب توجه الإمام السيستاني إلى إقامة الدولة في العراق لأن جده كان وكيلا للدولة الصفوية في سييستان بلوجستان ويفهم عمليا ثمرات الدولة ،مهما يقال من تفسير فإن منهج الإمامين الخميني والسيستاني نقل الشيعة من الضياع إلى الوجود كل بقدره وظروفه ورويته و لانهما يفهمان معنى الدولة . بصوت عالي يتوجه على العقل الشيعي أن يجعل كل شي لأجل الدولة ،ويتوجب أن يؤمنوا أنها القيمة العليا، وهي مصدر الشرعية ،وبها حياة المذهب ، ونتيجة هذا يتم تصحيح مفهوم الثورة والمقاومة بأنها ضرورة بلحاظ دعم الدولة لا بلحاظ الثورة للثورة .