كنوز ميديا / تقارير
من تحت ركام الأعوام القاسية التي نخرت أجساد مؤسساتهم، يرتقب العراقيون نهوض طائر “الفينيق الأسطوري” ليعيد تشكيل الحياة التي مزّقت أوردتها، مافيات الفساد ودفعت بصناعتهم نحو مقابر الطمر الجماعية، إلا ان بارقة ضوء في نهاية طريق يراد له ان ينبثق مجدداً، على ركام ثقيل، قد ينجح باستعادة الاقتصاد الى مرحلة غابت ملامحها منذ عقود، وأجهزت عليها ماكنة الأحزاب.
ويقول مصدر مقرّب من رئيس الحكومة، ان الأخير يحاول ان ينفذ من بين طرق قاسية، بعيداً عن تأثير الأحزاب والذهاب نحو إزاحة أورام العشرين عاما الماضية.
ويضيف المصدر ان “العام المقبل سيشهد تحولاً ملموساً على صعيد النهوض بالسوق الحر وإصلاح النظام المصرفي، بعد الانتهاء من تمكين بغداد والمحافظات بحزمة من المشاريع الضخمة في مجال البنى التحتية، لافتا الى ان السوداني يعمل بطريقة إعطاء الجرعات تدريجيا ليصل الى مرحلة الاكتمال في المنصات، التي يحاول ان يستعيدها من الموت، للتحول الى واقع حال، بعد حملة التغيير التي شرع بها منذ عام”.
وخلال منتدى الصناعات الذي انطلقت أعماله في البصرة، يوم أمس السبت، أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، منهجية الحكومة في إقامة الشراكات الاقتصادية مع دول الجوار، للتأسيس الى تنمية مستدامة ومتطورة، يحقق العراق فيها صناعة تصدّر منتجاتها الى الخارج.
وفي حديث الرجل الذي يركز منذ اليوم الذي تولى فيها مهام رئاسة الوزراء، على انبثاق رؤية واضحة للتحول الذي يرتكز على شراكة بين القطاعين العام والخاص الذي بقي جامداً طيلة الفترة الماضية برغم الأحاديث المتكررة عن زجه في سوق العمل، ولعل اعلان عشرات الفرص المشتركة بين القطاعين “العام والخاص” حتى الآن، سيعيد في بواكيره الأولى شراكات بين رؤوس أموال داخلية وخارجية، لفتح رئة السوق العراقية لأوكسجين الاقتصاد، بعيداً عن “مدمرات الريع النفطي” المحكوم بتقلبات الأسعار العالمية.
ويرى الخبير الاقتصادي باسل العبيدي، ان ثمة محددات للتحول الاقتصادي والنجاح في مشاريع التنمية التي يجب ان تكون حاضرة على وفق استراتيجية تحقق هذا النمو المرتقب.
ويبيّن العبيدي في تصريح ان “طرح المشاريع الاقتصادية بهذه الطرق في بيئة سياسية لا تزال مرتبكة، قد يشتت الهدف من إمكانية الوصول الى النتائج، فيما حثَّ رئيس الحكومة بالتركيز على بعض الملفات المهمة وحسمها وفي مقدمتها أزمة الدولار العالقة”.
ومضى يقول، ان “متابعة حركة رئيس الوزراء تدل على سعيه لتحقيق منجز، إلا ان بعض التفاصيل لا تسمح بتحقيق ذلك السعي في ظل أساسيات لا تزال مهمشة في صدارتها موضوعة الماء مع تركيا، والتسيب في المنافذ غير الشرعية وفوضى طرح المشاريع”.
وبرغم الشكوك التي لا تزال تتقدم تلك الفعاليات الحكومية إزاء تراكمات سابقة كانت قد أطاحت بآمال دعم السوق، إلا ان خبراء في مجال التنمية يركزون على معطيات يقولون، ان بوادرها تؤشر الى تحول جدي في مسارات الاقتصاد الداخلي، ولاسيما ان استقرار الأجواء الداخلية، تفتح النافذة بإمكانية اللحاق بالتطورات التي تشهدها المنطقة والعالم.
ويعتقد مراقبون، ان إصرار الحكومة بحصر التعاملات الداخلية النقدية عبر النظام الالكتروني وترحيل الورقي بعيدا عن التداول قدر الإمكان، يدخل في زاوية يحاول العراق فيها ارسال برقية للعالم، يعيد فيها دوره البارز والمحوري ضمن الدول الأكثر تأثيراً في مسار المال والأعمال التي بقي غائباً عن مسارها لسنوات طوال.