بقلم// عهود الاسدي
خُلقت من اجلك فهل انت من اجلي موجود ؟ ام ان سهم الهوى اصابني وانت منه براء ؟ من اجمل ما خلق الله سبحانه وتعالى المشاعر الإنسانية التي جعلت الوالدين يتحملان عناء إنجاب وتربية الأبناء ، والتي بفضلها يمكن التواصل مع المجتمعات الأخرى لنشر الدين والعقيدة ، او لعقد صفقات تجارية ، فلو لا الميل الى الشريك لا يمكن ابرام عقد مشترك ، ولو لا الميل الى المتكلم لا يمكن الإستماع لما يقول وأستيعاب ما يعني ، وكما جاء في كتاب الله عز وجل ( …وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني ) فقد مكّن الله سبحانه وتعالى نبيه موسى ع من طاغية زمانه فرعون اللعين بالحب !!! سبحان الله وياله من سلاح فتاك هلك فرعون بسببه !؟ وسبحانه الذي وفق نبيه لإستثمار الحب في نصرة دينه .
علاقات أجتماعية وبناء أسر ونماء قبائل بإستثمار الحب والمودة بين زوجين الذين تشاركا الحياة بكل ما فيها من يسر او عسر .. وهذه العلقة الإنسانية لا تخلو من الصدامات والخلافات التي يكون أهم أسبابها هو إستغلال احد الطرفين ميل الاخر اليه !! فيزداد يوما بعد يوم بالتمادي في الأخذ بلا عطاء فيختل توازن السفينة لتكون عرضة لامواج الغضب والسخط وهذا ما لا يلتفت اليه الاغلب فالأمر يحدث لا شعوريا ، لسخاء طرف وإفراطه في التنازلات والصبر ومنح الآخر مبررا في الإفراط بالدلال والطلب بل وكثرة الأخطاء والتجاوز !!! وبذلك يكون الطرفان مخطئان ، فلو حافظا على اتزان وتعادل المشاعر بينهما ووضعا الحدود الشرعية نصب اعينهما لما تعرضت شركتهما الى خطر الانفصال او تنغصت حياتهما بنوبات الغضب والخلاف ، فعلى سبيل المثال الزوج الذي تزوج من امرأة موظفة او غنية متمكنة ماديا عليه نفقتها حتى وان استغنت ولم تطلب حقها في النفقة فهي حق وأثر لعقد مبرم بينهما حدد قوانينه الشارع المقدس ، والقاريء يعلم جيدا ( بظاهرة الإقبال على النساء الموظفات بشكل كبير ) طمعا بمساعدتها له على متطلبات الحياة الصعبة المنال ، وهنا لا ادعو الى عدم التعاون بينهما بل العكس من ذلك التعاون المشترك المعتدل هو عِز الطلب شرط ان يراعي الزوج حقوق الزوجة والإنفاق عليها وترك مساحة شخصية لها للتصرف بأموالها الخاصة ، بهذا المثال نجد ان الحب تحول الى استغلال وظلم .
بالفطرة الإنسانية الدين والمعتقد أمر مهم جدا ومؤثر مهما كانت الديانة او المعتقد حتى الملحدين لهم عقائد ومباديء روحية يتمسكون بها وإن انكروا وجود الخالق الباريء فهم يبحثون عن وجوده والركون الى ركنه بلا شعور او ادراك لما يفعلون , ولأهمية الدين والمعتقد استغل السلاطين هذا الحب والتوجه للسيطرة على المال والعباد فأتخذوا منه وسيلة لخداع الكثير من الذين ينجرفون نحو العقائد بشكل عاطفي لا عقلي كما حدث في دولة بني العباس الذين استغلوا خيطا من النسب الى ال الرسول ص فسلبوا الخلافة بدعوى القرب من الرسول ص ، ومازال السلاطين يستغلون القرب من ال الرسول ص والدين والمذهب لينالوا من المناصب والحكم ما لا حدود له فلو تسنى لهم سرقة العالم بأسره لما اكتفوا وإن كلفهم الأمر دماء البشرية جمعاء لما امتنعوا ؟!!!!! وما يشهده العراق خصوصا والعالم عموما من سفك للدماء يؤكد ذلك فهاهم الصه***اينة يرتكبون ابشع الجرائم بحق الإنسانية التي جاءت الشرائع السماوية لحمايتها والحفاظ على قدسيتها بدعوى الدين الإبراهيمي حسب قولهم ( مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ) .
الأب والأم نعمة كبيرة مَنّ الله بهما على الابناء ليكونا الممولان الماديان والمعنويان والحاضنان الآمنان للابناء فنجدهما يغدقان بالعطاء والتضحية من أجل سعادة ابناءهما ، ومن المؤسف استغلال تلك العاطفة لخدمة ابناء الأبناء واستغلال ما تبقى من عمرهما ومالهما وصحتهما لخدمة الأسرة التي انهكهما بناءها وتكوينها فنجد البعض يترك الأحفاد في رعاية الجد او الجدة بحجة الوظيفة او المشاغل الحياتية الأخرى ( دون الإلتفات الى ما اذا كانت صحتهما او قدراتهما النفسية والعقلية تمكنهما من تلك المسؤولية ) ؟!!!! او نجد البعض يميل على اموالهما واملاكهما بلا رادع او رأفة بهما او الإلتفات الى انهما يستحقان حرية التصرف بما جمعاه بعد عناء السنين فهم يستحقان السفر والتنزه والصحة والتصدق وما الى ذلك من حرية التصرف باموالهما ( كبروا شيسوون بالاموال ؟!!!!) أو يرضي الله استغلال هذه العاطفة والمشاعر العظيمة بهذا الاستغلال الظالم ؟!!!! اليس من المفترض استثمار حبهما لكسب رضى الله وجنته ؟!!!!
تتعدد الأمثلة وتكثر فيصعب جمعها في مقال واحد فنقترب من حقيقة استغلال العلاقات الإنسانية بشكل قادنا الى مانحن عليه من انهيار مجتمعي خطير غابت فيه الحدود الشرعية التي جعلها الله جل علاه لتنظيم الحياة وسيرها بيسر وبلا عسر .. لتحفظ الإنسانية من كيد الشيطان العدو الأكبر للإنسان الذي جد واجتهد الى حرفه عن جادة الصواب ودفعه الى الهلكة في الدنيا والآخرة ، وهاهو يستمتع بما حققه من تدمير للنفوس والعقائد والعلاقات فيرى زيادة الطلاق وسفك الدماء وسرقة الحقوق وحزن القلوب وتشتت الجمع وأبن آدم مازال غارقا بنومه العميق ولا ادري متى من سباته سيستفيق ، اسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة والتوفيق لما يحب ويرضى