بقلم// كوثر العزاوي
نمط من البشر، وانت تنظر إليه كأنه طيف ينثر صورتهُ في الوجوه كرذاذٍ عبِق، فيترُك عبيرهُ الزاكي بألوان الورد، ويُشرق مع الصباحات النديّة، فهو من الله أجمل هدية! أطلّ علينا كما البدر في ليلة تمامه تكسو وجهه شيبة بيضاء تأخذ بالألباب، حيث المحيّا الشريف لأجداده الطاهرين، تسمّرنا كلّ ضمن حيّزه وهو يرسل نظراته ثاقبة باعتدال، وأكاد أجزم انّ نظراته لم تدع أحدًا إلّا ناله بريقها، حتى إذا اعتدلَ في مجلسه مستوعبًا أرواحنا، وبنبرة الأب الرؤوف أخذ مستفهمًا حالنا، قائلًا: مَن ومِن أين؟ أناب الصدى قبل لساني ليقول: يتيمة تلتمس الدعاء وتستجدي النصيحة،أنا ابنة الحرمان
وعمري سفر لاينتهي، محطاته حنين وغربة، وبقايا إنسان يعُد العُدَّة للنبضِ الأخير ، فهبني سيدي دعوة أب رحيم وشيء من عبق دربك الطويل أدّخره عونًا بقية العمر!، أسبلَ جفنَيهِ كالشفيق، وماذا بعد؟ سلامة وجودك قوة لنا، وماذا بعد؟ فقط أيها القائد العزيز، وانهمر الآتي بخُلاصة النحيب، ثم انبرى يسعفنا بطيب القول، كلامه نور ووصيته التقوى كأجداده الأطهار صلوات الله عليهم، ثم أردَفَ رافعا يده الكريمة داعيًا لنا، ترى أيّ مغنمٍ أصَبْنا دون ميعاد!! عندئذ لم يسعني مكان أُعدّ لنا، كدت أقفز كما الطفلة صوب مجلس أبيها لتنهل عطايا الرب من محيّاه مونقة مُبهرة متجددة، يعجز اللسان عن الشكرِ صادقًا، فما كان للقلب الحزين سوى أنسكابهِ دمعةً حَرَّى في بُحبوحةِ صمته وتمرّد كتمانهِ، وهو يهمّ بمغادرة المحطة والموقف، والقلب يخفي النشيج بتلويحة مودِّع، أن في آمان الله أنتم وكل روح حاضرة، ثم عهدًا وإن بعثرتنا الحياة ولم يجمعنا القدر ثانية، فلم نبدّل في الولاء تبديلا، نلتمس العفو والصفح، وأنا يا أهل قلبي أُحبكم، ولنا في الله وصلٌ بكم، ننتمي لهُ وإليه، وطالما تقاسمنا الحب والولاء دمعة دمعة وشهقة شهقة، والله لايضيعُ أجرَ مَن أحسنَ عمَلا،