بقلم // كوثر العزاوي
هلمّوا لنتأمل ماروي عن أبي حمزة الثمالي عن الامام علي بن الحسين “عليهما السلام” أنه قال:
{ودَدتُ واللهِ أني أفديتُ خِصلتين في الشيعة لنا ببعض لحمِ ساعدي، هما “النَّزَق وقلّة الكتمان”}
إنّ ما يلفت انتباه العاقل لمضمون قول المعصوم “عليه السلام” هو، في العادة نحن مَن نقول لأئمتنا “عليهم السلام” نحن لكم الفداء، ولكن في الحقيقة هم الذين يفتدون بأنفسهم واقعنا وما نعيشه من قصور وتقصير، وهم الذين يتصدون لكل هموم الأمة، لذا ودّ إمامنا السجاد “عليه السلام” أن لايرى في شيعته خِصلة “النَّزَق” التي يراد منها الطيش والخفة وسرعة الانفعال، والمراد “بالكتمان” هو إخفاء الأسرار والخطط عن المخالفين والأعداء خوف وقوع الضرر على الأمة والمجتمع، وهذا ماظهر للإمام “عليه السلام” من حالة البساطة عند بعض الشيعة، إنطلاقًا من حدة الطبع الذي عندهم، فترى بعضهم ثرثارًا يهذر الكلام أمام كل أحد، ويقول مايقول، ويكتب مايكتب، وينشر ماينشر متى مااشتهى بلا تأمل ولارويّة، مما يؤدي إلى صدور هفوات منه من حيث يعلم أو لا يعلم، فمثل هؤلاء طائشوا الفكر، قليلوا العقل كالأطفال الذين لايمتلكون ضوابط لما يقولون ويفعلون، أو ترى البعض يتكلم بما لا يعنيه من أمور حساسة من غير اختصاص، أو بما ليس له به علمٌ أصلًا، وهذا مانشاهده اليوم على بعض القنوات الخاصة والعامة، عبر “السوشيال ميديا” وأغلبية مستخدميها عادة هم الطبقة البسيطة من الناس، والقلة من ذوي الإختصاص وأهل الوعي والعلم والبصيرة. وفي خضم الأحداث السريعة والخطيرة، ومايجري في الساحة، إذ يغلب عليها فوضى التعاطي بالاخبار، وهرج تبادل الرؤى والافكار، فكلٌ يجد نفسه العبقريّ الألمعيّ، فيعطي نفسه حق التنظير والتحليل، والنقار والحوار، والنقد والانتقاد، والتوبيخ والنصيحة، ليصل في نهاية المطاف إلى حالة من الانتفاخ الذاتي، والتورم الفكري، ويرى نفسه فوق النقد والنصيحة!! والأنكى غفلته عن حقيقة إعطائه العدو منيته من حيث لايشعر!. فالإفراط مثلًا، بتداول مقاطع يبثها العدو متقصّدًا، والترويج لاخبار ومقالات ملغومة، تدعو لأثارة الرعب، وزرع الفوضى، وزعزعة النفوس، وسلب ثقة الشعوب بمصادر قوتها، مما قد يؤدي إلى فتح ثغرات أمام العدو وتسهيل عملية اختراقه لنا، وقد يؤدي التهاون في ذلك، إلى سفك الدماء المحترمة وإزهاق الارواح،
فضلًا عما يسببه النزق من تسريب معلومات نحن مأمورون بحفظها والتكتم عليها، وبذلك قدمنا خدمة مجانية للأعداء. لذا من الأجدر بالمؤمن العمل على تهذيب حركته في مواقع التواصل الاجتماعي، وتجنب الآثار السيئة جراء الإفراط، حيث عبّرت كثير من الروايات عن مدى انزعاج أئمتنا “عليهم السلام” من قلّة الكتمان والنزق والثرثرة لدى اتباعهم. فمن شاء ان لايُدخلَ على قلب سادته من آل محمد “عليهم السلام” ذرة من الألم والحزن سيما القلب الشريف لمولانا صاحب العصر والزمان “أرواحنا فداه” فليتسلح بالعلم والفطنة والكياسة، وأن يدع ماليس من اختصاصه، فالعدو متربص بنا، وأئمتنا يحزنون لأجلنا،
والله “عزوجل” ينبّهنا قائلًا:
{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾البقرة ٢١٧
١٢- جمادي الاخرة-١٤٤٦هجري
١٤-كانون الاول-٢٠٢٤ميلادي