الإمام علي عليه السلام كعبة ولد في الكعبة

بقلم // د. محمد العبادي

لم يخلق الإنسان عبثاً ولم يترك سدى، وليس في البين صدفة، بل الأشياء والحوادث مترابطة وتتحدث عن معانيها ورموزها .
ولد علي عليه السلام في جوف الكعبة، وكانّها احتضنته ليصنع في عين الله .إنها نقطة البداية المباركة لذلك المولود الذي علا ثم علا ودنى ثم تدلى وانتخب اسمه علي عليه السلام ليشد به أزر النبي الأعظم .
ليس صدفة أن يتربى الإمام علي عليه السلام في بيت محمد وخديجة صلوات الله عليهما، كما ليس صدفة أن يتربى موسى في قصر فرعون ويعود إلى أمه كي تقر عينها وليصنع صناعة إلهية .
إنّها السماء تخطط للإمامة لتصنع في بيت النبوة ، وإنه الإله العظيم وقدرته التي يصفها لقمان لإبنه ( يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُ)
تأملوا مثقال حبة من خردل واين ما تكون تلك الحبة والهباءة الصغيرة يأت بها الله …
إنّ جميع مافي هذا الكون العظيم حتى لو كان مثقال ذرة من خردل تحت نظر الله وقيوميته وقدرته، فكيف بهذا الإنسان فهل يترك للعبث والعشوائية .
إنّ ولادة علي عليه السلام كانت في حقيقتها ولادة لفجر الإنسانية، والتي شقت دياجير ظلامها شمس محمد صلى الله عليه وآله.
لا مكان للعبثية والصدفة في هذا الكون الذي تخضع جميع ذراته لعلم الله وقدرته ( وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةࣲ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبࣲ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبࣲ مُّبِينࣲ).
إنّ كل شيء في كتاب مبين، فكيف بمصير وحياة هذا البشر ؟ كيف تكون ورقة في شجرة تطاولت ورقصت مع نسمات الهواء عند تفتحها ثم يبست وسقطت بعد عمرها في علم الله وتخطيطه وفي كتاب مبين، ثم لما نأتي إلى ولادة علي عليه السلام نفسرها بالصدفة العمياء.
لِمَ العجب من ولادة علي عليه السلام في الكعبة وحرمة الإنسان المؤمن أشد من حرمة الكعبة وليس في ذلك تهوين أو توهين لحرمة الكعبة وشرفها، بل في ذلك إشارة إلى كرامة الإنسان المؤمن ومنزلته فكيف إذا كان ذلك الإنسان هو علي الذي خصه النبي بالمنزلة الرفيعة منه ،ونحن نعرف في علي عليه السلام أنه أول المسلمين إسلاماً وأول المؤمنين إيمانا وهو رأس المؤمنين وأميرهم .
إن أمير المؤمنين علي عليه السلام هو كعبة الأحرار وقبلة القلوب في السير على منهج النبوة وامتدادها للوصول بالإنسان إلى الكمال في رحاب الله وتوحيده .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى