خسائر الكيان الصهيوني في حرب الإبادة على قطاع غزة
الدكتور جلال جراغي
أكاديمي وباحث بالشؤون الإيرانية والإقليمية
الخسائر التي تكبّدها الكيان الصهيوني خلال حربه الإبادة على قطاع غزة لمدة عام وخمسة أشهر، شملت جميع المستويات تقريبًا، حيث تعرّضت الأركان والمنظومة الصهيونية لهزات عميقة في مختلف الجوانب.
المستويات التي تكبّد الكيان الصهيوني خسائر فادحة هي كما يلي:
1- المستوى العسكري
أولًا، خسائر بشرية كبيرة لحقت بالكيان. تعرّض الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه الغاشم والظالم على قطاع غزة لخسائر فادحة في الأرواح، حيث قُتل وجُرح الآلاف من جنوده في المعارك المباشرة مع المقاومين في قطاع غزة.
ثانيًا، خسائر مادية هائلة لحقت بالجيش، وإن المقاومة الإسلامية تمكنت من تدمير الآلاف من معدات وآليات حربية للكيان الصهيوني من مختلف أنواع الدبابات والمدرعات والمسيرات المتطورة. كما أن المقاومة تمكنت من توجيه ضربات قاصمة للمواقع العسكرية والمنشآت الحيوية للكيان الصهيوني.
ثالثًا، فشل العمليات العسكرية للجيش ضد المقاومة في قطاع غزة لأنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه، ورغم كل هذه المجازر التي ارتكبها، فإنه مني بفشل ذريع في تحقيق أهدافه المعلنة سواء القضاء على حركة حماس أو تدمير بنيتها التحتية بالكامل. بل على العكس، فإن المقاومة تمكنت من إظهار تكتيكات عسكرية متطورة ضد العدو.
2- المستوى الأمني والاستخباراتي
أولًا، انهارت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في عملية طوفان الأقصى لأنها فشلت في التصدي لعمليات طوفان الأقصى التي ألحقت أضرارًا كبيرة وغير مسبوقة بالكيان الإسرائيلي، فشلًا ذريعًا، حيث نجحت المقاومة في اختراق أجهزة الأمن الصهيونية وتوجيه ضربات نوعية مما فضح ثغرات خطيرة في المنظومة الأمنية للاحتلال.
ثانيًا، انعدام الثقة بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية لأنه فشل جهازا الشاباك والموساد في التنبؤ بعملية طوفان الأقصى أو احتواء تداعياتها، مما أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط والمحافل السياسية والإعلامية الصهيونية.
3- مستوى المعنويات وفقدان الجيش لقوة الحسم
أولًا، انهارت الروح القتالية لقوات الجيش، ذلك أن الخسائر المتكررة والانتصارات المتلاحقة للمقاومة أفقدت الجيش الإسرائيلي ثقة جنوده وضباطه بقدرتهم على الحسم. وفقدت قوات الجيش معنوياتها في هذه الحرب، خاصة أن جيش الاحتلال لم يكن معتادًا على حروب طويلة واستنزافية.
ثانيًا، فقد الجيش قوته الحاسمة لأنه كان يُعرف بحسم المعارك خلال أيام في الماضي، حيث كان يحسم المعارك وينتصر في حروبه مع الجيوش العربية. غير أنه خلال هذه الحرب تورط في مأزق حقيقي وأصبح عالقًا في مستنقع عميق وأصبحت النتيجة هزيمة كاملة الأوصاف.
ثالثًا، تآكلت صورة الجيش الذي لا يُهزم، حيث أظهرت هذه الحرب ضعف الجيش الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية، مما أسقط أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”.
رابعًا، هناك تقارير تشير إلى تزايد حالات رفض الخدمة العسكرية أو الهروب من وحدات القتال بسبب الخوف من المواجهات.
4- المستوى السياسي
أولًا، أزمة القيادة؛ نتنياهو وحكومته تعرّضوا لانتقادات واسعة وحادة من المعارضة وجمهور الصهاينة، متهمين إياهم بالفشل في إدارة الحرب وتحقيق أهدافها المعلنة.
ثانيًا، تفكك الحكومة أمر غير مستبعد وذلك بعد فشل الكيان في هذه الحرب، حيث تصاعدت الدعوات لاستقالة نتنياهو وزادت الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم ما ينذر بسقوط الحكومة قريبًا.
5- المستوى الاقتصادي
أولًا، تعطل الاقتصاد بسبب إطلاق الصواريخ والشلل العام الذي ساد الكيان، ما أدى إلى توقف العديد من القطاعات الحيوية بما في ذلك التجارة والصناعة والسياحة. تكبّد الاقتصاد خسائر بمليارات الدولارات.
ثانيًا، هروب الاستثمارات وعزوف المستثمرين عن ضخ الأموال في الكيان بسبب انعدام الأمن والاستقرار.
ثالثًا، أغلقت آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة أبوابها نتيجة الوضع الأمني المتدهور.
رابعًا، تعطلت الموانئ والمرافق الاقتصادية حيث تحول ميناء أم الرشراش (حيفا) إلى ميناء خالٍ من أي تحرك وفعاليات اقتصادية.
6- المستوى الداخلي والمجتمعي
أولًا، تصاعد الاحتجاجات حيث شهدت المدن المحتلة تظاهرات واسعة تطالب بمحاسبة الحكومة وقادة الجيش مع انقسام شعبي عميق بين معارضي السياسات الحالية ومؤيديها.
ثانيًا، زيادة القلق والخوف والرعب بحيث يعيش الإسرائيليون حالة من الرعب الدائم بسبب الصواريخ والعمليات المستمرة من قطاع غزة واليمن، مما أدى إلى نزوح الكثير منهم من المناطق القريبة من غزة.
7- المستوى الإقليمي
أولًا، أصبح الكيان يعيش عزلة إقليمية بعد ما فضحت الحرب تواطؤ بعض الأنظمة العربية، مما زاد من عزلة الكيان في محيطه، وأثار غضب الشعوب العربية والإسلامية.
ثانيًا، تراجع الهيمنة الإسرائيلية وفقدان الكيان لنفوذه الإقليمي بعد أن أثبتت المقاومة قدرتها على المواجهة والتحدي أمام هذا الكيان.
8- المستوى الدولي والأممي
عدنان فرج, [17/01/2025 12:40 ص]
أولًا، كانت هناك إدانات واسعة للكيان حيث واجه إدانات شعبية ودولية غير مسبوقة بسبب الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، مما أدى إلى عزلته على المستوى العالمي.
ثانيًا، ضعف التأييد الغربي للكيان بعد ما ظهرت بوادر تراجع الدعم الشعبي للكيان في بعض الدول الغربية، حيث نُظمت مظاهرات تطالب بمقاطعة إسرائيل ومحاسبتها.
9- المستوى القضائي
أولًا، ملاحقة دولية لقادة الاحتلال، بمن فيهم بنيامين نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت وعدد من قادة الجيش حيث باتوا مهددين بالمحاكمة أمام محاكم جرائم الحرب الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ثانيًا، واجه الكيان إدانة أممية حيث صدرت قرارات أممية من مختلف المحافل والأوساط الدولية تدين الانتهاكات الإسرائيلية وتدعو إلى التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
إذن، الخسائر التي لحقت بإسرائيل على كافة المستويات تشكّل نكسة تاريخية غير مسبوقة، أضعفت قدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وعززت من مكانة المقاومة الفلسطينية كقوة صاعدة في المنطقة.