إيران.. ثورة تتجدد من نصر إلى نصر

بقلم // ضياء ابو معارج الدراجي 

 

عندما تذكر الثورات التي غيرت مجرى التاريخ، لا يمكن إغفال الثورة الإسلامية في إيران، تلك التي لم تكن مجرد تغيير نظام أو استبدال سلطة بأخرى، بل كانت زلزالًا سياسيًا قلب موازين القوى العالمية، وأعاد رسم خرائط الهيمنة والاستقلال. هذه الثورة لم تولد في أقبية المؤامرات ولا في أروقة السفارات، بل نهضت من عمق الأمة، من إيمانها المتجذر بعدالة قضيتها، ومن قائد استثنائي رسم لها طريق العزة، الإمام روح الله الموسوي الخميني رضوان الله تعالى عليه.

إن الثورة الإسلامية لم تكن لحظة خاطفة في التاريخ، بل كانت بداية لمرحلة جديدة في صراع الشعوب ضد الهيمنة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة والصهيونية العالمية. فقد استطاع الإمام الخميني، بعقيدته الراسخة، أن يحوّل الغضب الشعبي إلى قوة منظمة، ويعيد للأمة ثقتها بنفسها، متجاوزًا حدود إيران ليبث روح المقاومة في المستضعفين في كل مكان.

وما زالت الثورة مستمرة، لم تخمد جذوتها ولم تضعف عزيمتها، بل ترسخت مبادؤها مع الأيام، بقيادة خليفة الخميني، آية الله العظمى السيد علي الخامنئي حفظه الله، الذي صان الأمانة وحافظ على خط الثورة، حتى باتت الجمهورية الإسلامية قوة عالمية لا يُستهان بها، تفرض معادلاتها على القوى العظمى، وتكسر مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية، حيث أصبح ذكر اسمها وحده كافيًا لإرباك أعدائها، وصارت محورًا يغير التوازنات في المنطقة والعالم.

منذ انتصارها الأول عام 1979، واجهت الثورة حربًا ضروسًا على مختلف الجبهات: عسكرية، اقتصادية، إعلامية، وسياسية، لكن ما زادها ذلك إلا قوة وصمودًا، فتحولت من دولة محاصرة إلى قوة إقليمية ودولية فاعلة، تملك من القدرات العسكرية والعلمية والتكنولوجية ما يجعل أعداءها يحسبون لها ألف حساب. واليوم، لا يمكن الحديث عن أي معادلة إقليمية دون وجود إيران لاعبًا أساسيًا، لا يتلقى الإملاءات، بل يفرض إرادته رغم أنف الطغاة.

إن السر في ديمومة هذه الثورة واستمرارها هو تمسكها بثوابتها الإسلامية ونهجها المقاوم، الذي جعلها ملاذًا لكل أحرار العالم، لا سيما في مواجهة الغدة السرطانية المسماة “إسرائيل”، التي ما عادت تشعر بالأمان بعدما أحاطتها قوى المقاومة المدعومة من إيران من كل جانب، لتدرك أن زمن التفوق المطلق قد ولى، وأنها أصبحت هدفًا مشروعًا لمحور بدأ يستعد للانتصار الأكبر.

إن الثورة الإسلامية لم تكن مجرد حدث تاريخي ينتهي بمرور الزمن، بل هي مسيرة مستمرة، تتجدد بدماء الشهداء، وبثبات قيادتها، وبإيمان شعبها الذي يرى في الاستقلال والسيادة قيمة لا تقبل المساومة. واليوم، إذ تتقدم الجمهورية الإسلامية من نصر إلى نصر، فإنها تبرهن للعالم أن الشعوب الحرة قادرة على كسر قيود الاستعباد، وأن الهيمنة الأمريكية والصهيونية ليست قدرًا محتومًا، بل يمكن تحطيمها كما تحطم الكثير من مشاريعها على صخرة الإرادة الإيرانية الصلبة.

وما زال للحديث بقية، وما زالت راية الثورة خفاقة، وما زال الأعداء يرتجفون كلما ذكرت إيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى