رسالة “أوجلان” الكردية كتبت بالحروف التركية..!

بقلم // حسام الحاج حسين 

مدير مركز الذاكرة الفيلية

 

الجميع حول العالم يعلم طبيعة المناخ الأمني الذي يحيط بالرجل الأسير البالغ من العمر ٧٥ عام . والذي حكم عليه بالأعدام قبل ٢٦ عام ثم خفف الحكم الى المؤبد بضغط من الأتحاد الأوروبي .

 

قيل قديما (( لا يمكن ان تتفاوض مع النمر ورأسك في فمه)) .

 

يتوهم من يعتقد بان رسالة أوجلان ترسم ملامح المستقبل المشرق للشعب الكردي . ولايمكن ان نتصور ان عقودا من النضال ضد العنصرية والشوفينية التركية تنتج هذه الرسالة الكردية التي كتبت بالأحرف التركية .

 

لماذا في هذا التوقيت بالضبط .؟

 

وماهي الأحتياجات الأمنية الملحة لأنقرة في هذا التوقيت .؟؟

 

في ضوء الاضطرابات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، قد تزداد القيمة الاستراتيجية للأكراد. وقد يدفع هذا التحول الدراماتيكي مختلف القوى الإقليمية والعالمية إلى تعميق انخراطها مع الأكراد في المنطقة وخاصة تركيا فضلًا عن ذلك، فإن أي مواجهة مباشرة أو غير مباشرة بين إسرائيل و تركيا وفق التطورات الأمنية الأخيرة في جنوب سوريا يمكن أن تخلق فرصًا جديدة للأكراد، سواء في تركيا أو في المنطقة .

 

ويبدو أن تعليقات أردوغان الأخيرة على الديناميات الإقليمية تعزز هذا المنظور. حيث قال “في منطقة جغرافية محاطة بالمنظمات الإرهابية، وفي فترة من التوترات في العراق والحرب الأهلية في سوريا والانتهاكات الوحشية لإسرائيل، من المهم إرساء السلام في الداخل”.

 

الجدير بالذكر أن تخفيف التوترات الداخلية بين الحكومة التركية و حزب العمال الكردستاني في تركيا قد ينعكس إيجابًا على العلاقات بين “قوات سوريا الديمقراطية” وتركيا.مما يعطي فرصة اكبر للسلطة في دمشق المدعومة من انقرة بتعزيز قبضتها على الجغرافية السورية . ويضاف ايضا الى فرصة انسحاب القوات الأمريكية المحتمل مما يعني ان تكون المعطيات الواقعية تصب في صالح انقرة .

 

لكن على الرغم من الرسائل التصالحية التي تبعثها أنقرة، لم تُقدم الحكومة التركية على تغيير سياساتها الداخلية اتجاه التيارات السياسية الكردية والتي تمثل الظل السياسي لحزب العمال الكردستاني .

 

تسعى انقرة الى كسب المزيد من النقاط مقابل لاشيء للأكراد . ومن الفوائد التي تنتظرها انقرة اذا تم تفعيل رسالة اوجلان على الواقع.

 

فمن شأنها أن تسهم في تخفيض التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا، الناجمة عن دعم واشنطن لـ “قوات سوريا الديمقراطية”.

 

كما قد تمهد الطريق أمام الولايات المتحدة لتعزيز علاقاتها مع تركيا و”قوات سوريا الديمقراطية” دون التسبب في ردود فعل عنيفة. ونتيجة لذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تركز بشكل أكبر على جهود الأنسحاب من المنطقة .

 

كما من المفترض أن يُسهم هذا التطور في تعزيز العلاقات الاقتصادية وتوسيع التعاون عبر الحدود الجنوبية بين تركيا وأقليم كردستان العراق .

 

بالنتيجة النهائية خرجت الرسالة الكردية من اروقة المخابرات التركية حيث أُحيطت تفاصيل إعلان أوجلان بسرية مقصودة، ويعود ذلك جزئيًا إلى فشل المفاوضات السابقة بين أنقرة و”حزب العمال الكردستاني” في سنوات (2009-2011 و2013-2015) فشلًا ذريعًا، مما أدى إلى تصاعد العنف وتآكل شعبية أردوغان.

 

لكن هذه المرة، كان أردوغان أكثر حذرًا في تقديم مستجدات حول مسار المفاوضات مع “حزب العمال الكردستاني”، حيث فرض تعتيمًا إعلاميًا على كل مراحل التفاوض إلى أن يضمن اتخاذ خطوات لا رجعة فيها.

 

ومع ذلك، تبدو بعض أهم عناصر الاعلان وتداعياته غير واضحة ولا يمكن ان تجد طريقها على أرض الواقع .!

 

لكن ما لا يقبل الشك من أن تركيا تدرك أن الحزب لا يزال قادرًا على إلحاق ضرر السياسي والعسكري والأمني الملموس بالمصالح التركية، حتى من مسافة بعيدة. ولهذا، فإن تفكيك الجماعة وتصفيتها رسميًا لا يزال يشكل أولوية استراتيجية لأنقرة على المدى القريب .!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى