من بركات شهر رمضان : ( أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة)
بقلم // د. محمد العبادي
ربنا وصلت إلينا دعوتك الكريمة، ولبينا الدعوة بالإستجابة لها وجئنا لمائدتك الكريمة ونحن نحمل أوزارنا وخطايانا.
ما أجملها من دعوة صادرة من رب رحيم وكريم يعلم مانخفي ومانعلن يدعونا فيها للحضور في مائدته المعنوية والتربوية المفروشة لبني البشر، نعم إنّه ( شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامته).
من بركات هذا الشهر وخصائصه أن عطاء الله فيه غير محظور( وما كان عطاء ربك محظورا) .
إنّه من لطف الله تعالى وفضله على الإنسان أن تتحول أنفاسه إلى تسبيح يؤجر عليه ؛ بمعنى أن يتحول معدل التنفس من الشهيق والزفير والذي يبلغ مابين( ١٧٢٨٠- ٢٨٨٠٠) مرة في اليوم الواحد يتحول هذا العدد من عدد تكويني غير إرادي إلى عدد معنوي تنزه فيه الله تعالى ، وأبعد من ذلك في الكرم مضاعفته سبحانه للأجر، وبتعبيرنا ( جنة ابلاش) .
هناك نعمة مجهولة تستحق الشكر مطوية داخل عملية التنفس الذي تحول إلى تسبيح حقيقي؛ وهي أن الإنسان عندما يتنفس تنفساً طبيعياً من دون مواجهة أية مشاكل صحية في جهازه التنفسي أو برئتيه فإن ذلك نعمة لاتضاهيها نعمة. إنّها نعمة العافية لايقاس بها شيء ولايعدلها في هذه الحياة شيء ، وقد ورد في الأثر أن من أصبح معافى في جسده( فكأنما حيزت له الدنيا)، وكلمة الشكر تجلب النعمة، فليشكر الإنسان ربه شكراً لفظياً وعملياً ( لئن شكرتم لأزيدنكم).
إن من خصائص شهر رمضان المبارك أيضاً أن يتحول النوم الذي هو أخو الموت إلى عبادة، نعم يتحول ذلك الاسترخاء والاعفاء للعقل والبدن إلى عبادة. نعم يتحول غياب الإرادة وتعطل الأسماع والأبصار إلى عبادة في شهر رمضان المبارك .
إنّ حاجة الإنسان إلى النوم حوالي ٧ ساعات يومياً، وهذا المعدل لساعات النوم يعتبر جرعة مثالية وربما زاد معدل الحاجة إليه بالنسبة للأطفال أو المسنين. إنّ تلك الساعات التي تتعطل فيها الحواس، ويخلد فيها الإنسان للراحة تصبح عبادة؛ بعبارة أخرى أن الإنسان المؤمن منحه الله تعالى حوالي ( ٢٠٠) ساعة عبادة في شهر رمضان وهو راقد في مضجعه .
إنها دفعة تشجيعية للإنسان لتنظيم حاجته الطبيعية للراحة من أجل الحفاظ على صحته الذهنية وتركيزه البصري .
إنّه شهر رمضان الكريم الذي يتميز عن باقي الشهور فهو أرفعها شأنا وبركة، وأجلها تأثيراً على الإنسان في التزود المعنوي والمادي لرحلته اليومية والشهرية والسنوية، وحبذا لو أضاف الإنسان إلى تسبيحه التنفسي التكويني تسبيحه اللساني والقلبي، وأضاف لتلك الراحة وافتتح ساعات استراحته اليومية بآداب النوم بترطيب لسانه ( والله يضاعف لمن يشاء).