قراءة في كتاب” حكايتي مع الإمام المهدي”

الورقة الثانية عشرة والأخيرة

بقلم // د.أمل الأسدي

 

هكذا وصلنا إلی نهاية الرحلة مع كتاب(حكايتي مع الإمام المهدي) وأزعم أني قد قدمت للقارئ مادةَ الكتاب مركزةً ومضغوطةً وواضحةً، ونظرا للتفاعل الكبير الذي حققته القراءات، وما ترتب عليه من أسئلة القراء ومناقشاتهم؛ رأيت أن أقدم لهم انطباعي عن الكتاب لأجيب عن أسئلتهم، وأقدم لهم وصفا عاما للكتاب، وسأوجز ذلك في نقاط وهي كالآتي:

١- تفرد الكتاب في قضية اخفاء اسم المؤلف، مع أننا في عصرٍ يركز كثيرا علی الأسماء والهوية الشخصية، ولايوجد ما يدفع المؤلف ليتنازل عن حقه في ذكر اسمه سوی نكرانه لذاته، ورغبته الصادقة في خدمة القضية المهدوية.

٢- ترتب علی النقطة الأولی قضية مهمة جدا، وهي الموضوعية، إذ غطت الموضوعية الكتاب من البداية الی النهاية، وكل متلق للكتاب سيری أنه يقرأ الكتاب قراءةً نصية، تبدأ من النص والمادة وتنتهي بالنص والمادة، قراءة مجردة بعيدة عن الميول والأهواء.

٣- بدا صوت الكاتب في الكتاب صوتا تحقيقيا دقيقا، وكأنه كاميرا بحثية، تارةً تقرب لك الصورة، وتارةً تدعوك للرؤية من الأعلی، رؤية عامة وشاملة!

٤- إن أهم سمةٍ في الكتاب من وجهة نظري هو اعتماده القرآن الكريم مرجعا ودستورا، موضحا وشارحا ومبرهنا، فلايبتعد القارئ عن المفهومات القرآنية ومصاديقها من بداية الرحلة حتی نهايتها، وهذه نقطة مهمة جدا، جسدت الحديث النبوي الشريف:((إنّي تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تَمَسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي: كتابَ اللَّه وعترتي أهلَ بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)) فالاطمئنان الی الدليل كان حاضرا بقوة في الكتاب لأنه اعتمد علی الثابت الإسلامي الأول وهو القرآن الكريم.

٥- من خصائص الكتاب المهمة والمشوقة؛ هي أن المؤلف أشرك المتلقي معه في البحث، فهو لايكتفي بالنقل من المصادر، ولكن يجعل المتلقي يقف معه عند كل فكرة أو جملة استشهد بها، فيحللها وينقدها ويحاور ويحبك ثم يخلص الی النتيجة، والمتلقي معه، يشاركه كل اللحظات البحثية.

٦- استعمل المؤلف مصادر متنوعة قديمة وحديثة، فكان مواكبا للجديد من جهة، ومتمسكا بالقديم الأول من جهة أخری، لهذا يغذي الكتاب ذهن المتلقي ويمكّنه من تحقيق إحاطة ممتازة بمصادر العقيدة المهدوية!

٧- امتلك المؤلف القدرة علی اصطحاب القارئ في رحلته، وكان ذكيا جدا في دعوته منذ البداية الی إكمال الرحلة وإتمامها، هذا غير أنه بدأ الكتاب بمادة سردية حكائية تجذب المتلقي وتدعوه للمواصلة

٨- يشكل الكتاب عصفا ذهنيا للمتلقي، إذ يجعله يفكر ويعيد حساباته في فهمه وتعاطيه مع هذه العقيدة الثابتة والكبيرة، فالكتاب يحرث الذاكرة المعلوماتية والبحثية، ويهشّم المسلمات التي تحبس الفرد عن العمل والمواصلة، ويؤثر في سلوك المنتظِر ويدعوه الی المثابرة.

 

٩-قدم الكتاب مادة مهمة وممتازة، ترضي فضول الباحثين، وتجيب عن أسئلة المنتظرين، وتفتح الآفاق نحو مزيد من البحث والدراسة، ومن ذلك مناقشة آراء السيد محمد باقر الصدر والغوص في كتابه” حول الإمام المهدي” وربط النقاش بالأدلة القرآنية.

ومن ذلك أيضا: تسليط الضوء علی أُطروحة الشيخ الآصفي” الانتظار الموجه” والتركيز علی نقاط جوهرية تفجّر الوعي، مثل طرحه السؤال:من ينتظر الآخر.. نحن أم الإمام عليه السلام؟

فهذا السؤال يشكّل عتبةً بحثيةً جديدة للكثير من المتلقين.

ولاننسی تصويب المؤلف لمصطلح الانتظار الإيجابي والانتظار السلبي، فالأخير ليس من الانتظار وإنما يدخل في باب الصبر والتحمل أو غير ذلك!

وكذلك فصّل المؤلف العلاقة بين الصبر والانتظار ليزيل الضبابية التي تحيط بالمصطلحين لدی الكثير من الناس،

١٠- شخّص الباحث أن قضية علامات الظهور هي أهم مبحث يجب طرحه وتفكيكه أمام المتلقي، لهذا فرد أوراقه البحثية محللا ومستدلا ومقارِنا منطقيا، فقد قدم جهدا ممتازا في معالجة هذا الموضوع، وطرق الأجواء الشعبية التي تحيط بها وتحاول تغيير حالها من الوهم إلی الواقع، إذ طرقها طرقا يستفز المتلقي ويحركه لطرح الأسئلة والمراجعة والتوقف عند أمور كثيرة، لذا حازت الورقة المتعلقة بعلامات الظهور حين نشرتها؛ حازت علی تفاعلٍ كثير، بين مناقِش متفقٍ مع المؤلف، وآخر مختلف، وآخر يريد الاستزادة أكثر وأكثر، وآخر يشعر أنه قد وجد ضالته بعد زمن طويل!

 

١١- إن هذا الكتاب مصدرٌ مهم للشباب، فهو مُركَّز ومضغوط وغير مترهل، وأيضا هو يسنتهض الهمة، ويربي، وينبه الی ضرورة العمل والتواصل، ويتعامل مع العقيدة المهدوية بواقعية متواشجة مع الروحية، هذا غير أسلوبه السهل الممتنع، وعلی هذا أدعو إلی تقديمه للشباب بغية تحصينهم وتوعيتهم وحثهم وتقوية جذورهم.

 

١٢- حين نشرت القراءات تباعا، كانت الأسئلة تأتي إلي بكثرة، مناقشات ومحاورات ومراجعات لمصادر أخری، وهذا يعني أن المتلقي بحاجة الی هذه المادة، يحتاج الی هذا العصف الذهني، ويحتاح الی يدٍ تحركه وتدعوه الی العمل، ويحتاج الی كاميرا سردية تنقله الی الحدث أو تنقل إليه الحدث!

إذن المتلقي عطشان، يريد الارتواء، يبحث عمن يوجهه ويخلصه من الغرق والانشغال بربط علامات الظهور وإسقاطها علی الواقع!

 

وفي النهاية، أقول ماقاله المؤلف وأتفق معه، فإن نهاية الرحلة قادتني الی بدايد جديدة ودعتني الی أن أعيش العقيدة المهدوية عملا وأملا وسلوكا، وأدعو الله تعالی أن يرشدني إلی أبواب العمل والتفاعل خدمةً لهويتنا الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى