شهداء قبل أن يستشهدوا..!

بقلم // كوثر العزاوي

 

ماتزال بعض الأرواح تغدق عطاءً وتجود بما لديها من غالٍ حتى يصل الجود بالدم والنفس، لتصبح مصداقًا واقعيًا لمعنى {والجود بالنفس أقصى غاية الجود}.في وقتٍ لايزال بعض أشباه البشر ممن آثَرَ الحياة الدنيا، يطارد تلك الأرواح الباحثة عن الحياة الحقيقية الخالدة حتى بعد عروجها، بهدف النيل منها متى اشتهت أنانيته، مراهنًا على إنهاء دورها طالما تسبب لهم القلق ويقضّ مضاجعهم! ولكن هيهات، بل ولاعجب! والحال أنّ أشباه الناس تجهل معنى الروح الحسينية التي انتهلت نمير عطائها وإقدامها من نبع آل محمد “عليهم السلام”، عندما تبقى تلك الروح تقاوم ولاتنهزم، بل يحدو بها الشوق الى الشهادة حتى تصل، وما الأصوات النشاز، سوى جرعة تنشيط لمزيد من القوة واليقظة لدى من نذروا أنفسهم لله، أولئك الذين راهنوا غير مستسلِمين، حتى أعيىٰ ثباتهم المناوئين، وتاهَ في طريقهم الضالين!! أولئك الذين عاشوا شهداء قبل أن يستشهدوا! إذ لم يكن يهمّهم كيف ومتى اللقاء! لان نار الشوق الى الله لن تبرح تلازمهم. ولصدقهم وإخلاصهم، يختار لهم المعشوق المطلق أجمل زمان ومكان للعروج، وغالبا مايكون السّحر براق عروجهم، وساحة الدفاع مطية مسراهم، وإنّ الله “عزوجل” لا يصطفي إلا الأخيار، ولا ينال الشهادة إلا الأطهار، وإلّا كلنا راغبون في الشهادة، والأعم الاغلب منّا يتكلم ويكتب على نحو التمنّي. ولكن سلعة الله ثمينة، لا ينالها إلّا مَن شرى دنياه وأحلامها، بالآخرة وفردوسها، وليس قبل أن يرتقي المُريد، وتسمو روحه، وتترفّع عن دنيا العَفَن، وتحارب الهوى، وتهجر الأنا، وتتجرّد عن كل زيغ وزيف وحيَل. فالشهداء فازوا بترقيةِ أنفسهم، ونَفْيِ الأغيار من قلوبهم، قبل أن يفوزوا بمنازل العلى في الجنان!. أما بعد، فماذا عنّا؟ نحن مَن يتغنىٰ بمَن ارتقىٰ وضحىٰ من أجلنا؟!! أليس أقلّ الوفاء البحث عن آثارهم ونشر مآثرهم؟، أليس من الحبّ تقصّي مكارم أفعالهم، وكيف تركوا أحلامهم خلف ظهورهم، ونبذوا لذائذَ المباح من دنياهم! فأرخصوا النفس لبارئهم ليَنعمَ غيرهم.

لذا..فالأمة التي تنسى عظمائها لا تستحقهم.!

 

٥-رمضان- ١٤٤٦هجري

٦-آذار- ٢٠٢٥ميلادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى