تصاعد المواجهات في الساحل السوري.. قلق من شبح الحرب الأهلية

كنوز ميديا – تقارير

برغم أن العملية العسكرية للإدارة السورية الجديدة كانت تستهدف “مجموعة مسلّحة” تابعة لفلول النظام السابق، إلا أنها أدّت إلى وقوع إصابات عديدة بين المدنيين، نتيجة الاستخدام المفرط للقوة العسكرية في الهجمات.

يبدو أنّ العمليات العسكرية التي تنفذّها الإدارة السورية الجديدة في منطقة الساحل السوري تأخذ منحىً تصاعدياً خطيراً، خصوصاً بعد الحملة الأمنية التي شنّها الأمن العام في منطقة “الدالية” على أطراف جبلة بريف اللاذقية، وما رافقها من قصف مدفعي واستخدامٍ للطيران المروحي، ردّاً على استهداف مجموعة مسلحة من “فلول نظام الأسد” لدورية عسكرية في المنطقة أدت إلى مقتل 15 عنصراً من قوات الإدارة الجديدة، وفقاً لما كشفه مصدر في إدارة الأمن العام، قبل أن يتطور المشهد لتشمل العمليات القتالية مختلف مناطق الساحل السوري.

العملية العسكرية في منطقة “الدالية” ترافقت مع قطع خدمات الإنترنت، وهو الأمر الذي يحدث في معظم المناطق التي تشهد عمليات مشابهة من جانب الأمن العام، ما يعزز المخاوف من حدوث تجاوزات بحق المدنيين العزّل خلال العمليات؛ إلا أن المقاطع المصوّرة سرعان ما تجد طريقاً إلى وسائل التواصل الاجتماعي عقب انتهاء العمليات، لتكشف جزءاً بسيطاً مما جرى على الأرض.

وفي تفاصيل ما حدث في منطقة “الدالية”، كشفت مصادر محلية أن مجموعة مسلحة غير معروفة هاجمت سيارات تابعة للأمن العام في قرية “بيت عانا”، ما أدى إلى وقوع قتلى بين عناصر القوى الأمنية، ليرد الأمن العام بعملية عسكرية واسعة، حيث دخلت أرتال عسكرية ضخمة تضم آليات ومدرعات ومصفحات إلى القرية، بعد تمهيد ناري بالمدفعية الثقيلة، وسط تحليق مكثف للطيران المروحي الذي شارك في عمليات الاستهداف للمنطقة.

وبرغم أن العملية العسكرية كانت تستهدف “مجموعة مسلّحة” تابعة لفلول النظام السابق، إلا أنها أدّت إلى وقوع إصابات عديدة بين المدنيين، نتيجة الاستخدام المفرط للقوة العسكرية في الهجمات، وهذا ما يفسّر نداءات الاستغاثة التي تم إطلاقها من ناشطي جبلة بعد التواصل مع ذويهم في المنطقة.

التطورات تسارعت لاحقاً بشكل خطير وغير مسبوق، حيث أعلن الأمن العام عن تعرّض قواته لهجمات متزامنة في مناطق مختلفة من الساحل السوري، لذلك تم الدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة من قوات وزارة الدفاع إلى جانب قوى الأمن العام نحو مناطق التوتر، بينما أعلنت مساجد إدلب “النفير العام” وطالبت بحمل السلاح والتوجه إلى الساحل للقتال، ونشر ناشطون مشاهد للدعوات التي حمل الكثير منها شعارات طائفية ومذهبية.

كما فرضت إدارة الأمن العام حظراً للتجوال في مدن اللاذقية وطرطوس وحمص، وبدأت عمليات تمشيط واسعة في الساحل السوري ضمن مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة، وأكدت أن عمليات التمشيط تستهدف فلول ميليشيات الأسد ومن قام بمساندتهم ودعمهم.

الحملات الأمنية للإدارة السورية شملت جبلة واللاذقية وطرطوس وبانياس والقرداحة، وسط مخاوف من تحوّل الأحداث الجارية إلى معارك مستدامة تقود إلى شلال من الدماء، يعيد سيناريو الحرب التي مرّت بها سوريا خلال السنوات السابقة، وهذا ما دفع المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر لإصدار بيانٍ إلى أهالي سوريا عامةً، والساحل السوري خاصةً، لدعوتهم إلى اعتصام سلمي في الساحات.

لكن المجلس عاد بعد ساعات وأصدر بياناً جديداً عقب وصول تعزيزات عسكرية ضخمة إلى الساحل واشتداد الاشتباكات، دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة ودولة روسيا والمجتمع الدولي وضع الساحل السوري ومناطق الطائفة العلوية تحت حماية الأمم المتحدة، وتطبيق أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية الطائفة العلوية وباقي الأقليات.

حملات أمنية مستمرة

وقبل أيام شنّ الأمن العام السوري حملة أمنية في حيّ “الدعتور” في مدينة اللاذقية، بعد أن قامت مجموعة من “فلول النظام البائد” باستهداف عنصرين من وزارة الدفاع السورية عبر كمين مسلح ما أدى إلى مقتلهما على الفور.

وكشف مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية مصطفى كنيفاتي أن القوى الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على عدة أشخاص متورطين بالإضافة إلى تحييد عدد آخر، كما أصيب عنصر من الأمن العام خلال الاشتباكات.

العملية الأمنية في “الدعتور” كانت واحدة من أكبر العمليات في الساحل السوري منذ سقوط نظام الأسد، حيث تم اقتحام الحي بأكثر من 100 آلية عسكرية، كما فرضت الدبابات طوقاً أمنياً محكماً حول الحيّ ومنعت دخول وخروج المدنيين منها، وتم اعتقال عشرات الشبّان من أبناء الحيّ، فيما كشفت مشاهد تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي إطلاق نار عشوائي باتجاه منازل المدنيين، ما تسبب بحالة ذعر كبيرة.

وفي هذا السياق كتب الصحافي فراس معلا عبر فيسبوك: “أنت متخيّل شو يعني تفوت على حيّ وتبلش تضرب رصاص عشوائي، وشتائم طائفية، وبنفس الوقت ما عم يطلع رد عليك بالرصاص من هالحي، وأنت مُصرّ تكفي رغم معرفتك وتأكدك أنّه اللي عم تدوّر عليهن مانن جوّا هاد الحي؟ متخيّل شو يعني عم تحط دبابات على مداخل الحي، وكأنه اللي فايت عليه ضارب عليك قذائف وموجعك لحتى بدك تخليه يشوف الدبابة؟”.

فيما كتب الناشط أوس أجهر: “الدعتور فيها كم أزعر من الفلول بس أنك تعاقب كل سكّانها بحصار وتخويف (…) فهاد مو حل؛ هاد مرفوض ورح يخلق ردات فعل رح تحرقنا كلنا في ما بعد؛ لاحق المجرمين بشكل قانوني وحاسبهم بمحاكم لكن ليس بانتقام جماعي من كل السكّان الأبرياء”.

إن التطورات المتسارعة على الساحة السورية تفرض على الإدارة الانتقالية اتخاذ خطوات جادّة لوقف العنف في البلاد، وتثبيت دعائم السلم الأهلي في مختلف المحافظات، من دون إغفال دور الأمن العام في ملاحقة العناصر المسلّحة التي تريد بثّ الفتنة وإعادة الحرب إلى سيرتها الأولى، عبر القيام باستفزازت واعتداءات هنا وهناك، لكن ذلك يتطلب من القوى الأمنية عمليات دقيقة ومحددة بالتعاون مع الأهالي والوجهاء في المناطق المستهدفة للقبض على المطلوبين، في سبيل إبعاد شبح الحرب مجدداً عن السوريين، الذين يبحثون اليوم عن فسحة أمل بين ركام الأزمات.

المصدر – الميادين .انتهى88

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى