اقتصاد النبوة وخديجة الكبرى
بقلم // علي جاسب الموسوي
لولا مال خديجة، لما قامت دعوة، ولولا ثروتها، لما سطع نور الرسالة، ولولا اقتصادها، لما امتد الإسلام إلى الآفاق .. خديجة بنت خويلد، سيدة قريش، وأم المؤمنين، لم تكن مجرد زوجة للنبي صلى الله عليه واله ، بل كانت الحاضنة المالية والاقتصادية الأولى للإسلام، والممولة الصامدة لمشروع النبوة.
في لحظة كان المال فيها سلاحاً، والإمكانيات الاقتصادية حصناً، أنفقت خديجة ثروتها في سبيل الله، فجعلت الذهب والفضة جنديين في معركة العقيدة، وأسقطت قوانين الاحتكار القرشي لصالح اقتصاد الرسالة … فتحت دارها مأوى للمستضعفين، وجعلت مالها قافلة لا تنقطع للإسلام المحاصر، حتى إذا اشتد الحصار في شعب أبي طالب، أكلت ورق الشجر جوعاً مع النبي، وهي التي كان قصور مكة تتمنى رضاها.
قال تعالى ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُو۟لَٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ﴾
هذه الآية تنطبق على السيدة خديجة (ع)، فقد آمنت، وضحت بمالها، وهاجرت بقلبها، وجاهدت بكل ما تملك في سبيل الله، وكانت دعماً أساسياً لرسول الله صلى الله عليه واله
الاقتصاد لم يكن يوماً هامشياً في الدعوات الكبرى، بل هو عصب الصمود والمواجهة، وخديجة كانت الأم الرؤوم للاقتصاد المقاوم في الإسلام، حيث صنعت بمعادلة المال والإيمان توازناً أسقط حسابات الطغاة .. اليوم، ونحن نستذكر رحيلها، ندرك أن معارك العقيدة لا تُخاض بالخطاب وحده، بل بالاقتصاد القوي، والثروات المسخرة في طريق الرسالة.
خديجة الكبرى ليست مجرد اسم في التاريخ، بل نموذج لكل من يحمل قضية، ويريد أن يبني اقتصاداً مقاوماً يُحيي الأمم، كما أحيى الإسلام يوم أن دعمه مالها.