الطب العراقي بين الإنجاز والإعجاز ..

بقلم// منهل عبد الأمير المرشدي

يبقى المنجز العراقي غائبا عن الحضور والإنصاف مهمشا منسيا في ساحة الإعلام بقصدية واضحة في مدياتها أو الغاية منها . هذا الأمر ينسحب على جميع الجوانب الإبداعية في المفاصل الصناعية والزراعية والعلمية على مستوى الفرد والجماعة . ما دعاني لكتابة هذين السطرين هو ما علمته من إنجاز متميز يستحق الإشادة والتوثيق لأحد الأطباء العراقيين الأخصائيين في جراحة العظام والكسور بمدينة الكاظمية في بغداد الدكتور أحمد الفياض . حالة طارئة تم استقبالها بطوارئ مركز اللقمان في الكاظمية حيث تم عرض الحالة على الدكتور أحمد الفياض والتي تتمثل برجل تعرض الى الإصابة بكفه اليمنى في حادث إرهابي أدى إلى تقطيع أوصالها ولم يبقَ لها ما يربطها في الساعد سوى زائدة جلدية مهشمة حيث أدخل على الطبيب الفياض لغرض إتمام قطعها وتضميد الساعد لقطع النزيف وهو الغاية وكل ما مطلوب من قبل الشخص المصاب وأهله ومرافقيه لكن الرأي عند الدكتور الفياض كان شيئا آخر والرؤيا في بصيرته العلمية ويقينه الواثق بإمكانية الإنجاز الى ما يقارب المعجزة هو ما دعاه الى التوقف عن تلبية طلب الرجل المفجوع بكفّه وذويه وإبلاغهم استعداده لإعادة النبض لأعصاب الكف وبث إمكانية الحياة في أوصالها وأعصابها وبما يعيد قدرة الأصابع على الحركة بشكل طبيعي . بين الصمت والذهول والتصديق واللا تصديق هو ما كان يؤطر مشاعر ذوي المصاب وكل من كان معه بل وحتى الفريق الطبي المساعد كان ينتابهم ذات الشعور فليس بالسهل أن تتقبل فكرة إعادة أعصاب مقطوعة وأوصال مهشمة مع بعضها للحد الذي يعيد لها الحياة . وكما يقول المثل الشعبي إن المفلس في القافلة أمين ؛ فما يضر صاحب كف مقطوع لو تمت محاولة إعادته بعملية جراحية سواء نجحت تلك العملية أم لم تنجح . رضخ الجميع لطلب الجراح الاختصاص وصادقوا على الموافقة بإجراء العملية التي احتوت في طياتها ( 14 ) عملية بين الرئيسية وما تلاها من عمليات زراعة العظم والترقيع النسيجي والجلدي إضافة الى تحرير الأوتار والتأهيل الطبي .. لتنتهي بما لم يكن في الحسبان بنجاح تام حيث استبشر الجميع خيرا بما أن الأمور تمت بفضل الله وفق ما عزم الدكتور الفياض ورسم في مخيلته وخطّط وعمل مع فريقه الطبي الذي رافقه برحلة الإصرار والعمل بعيدا عن اليأس فالعقل العراقي هو الأذكى والأكثر نباهة وفطنة وقدرة على الإنجاز بروح الإبداع . لقد عاد الرجل ليمارس حياته الطبيعية مديرا لنادي الكاظمية . إنجاز الدكتور أحمد الفياض يوازي الإعجاز بكل ما تعنيه الكلمة وهو ما جعلنا نستذكر الكفاءات الطبية العراقية في بلاد الغربة بأوروبا والتي تتبوأ مواقع الصدارة في أرقى المراكز والمؤسسات الطبية في العالم مما يحتّم على الجهات المعنية في وزارة الصحة والحكومة العراقية العمل بجدية للاهتمام بالكفاءات والعقول العراقية المتميزة في الخارج والداخل وتقديم الحوافز المشجعة لهم وبما يؤمن لهم مكانتهم ويوازي مقامهم في حياة حرة كريمة
وذكر عسى أن تنفع الذكرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى