(مشعان) العازف على أوتار مقطوعة..!
بقلم// جعفر العلوجي
إذا أردت أن تفهم السياسة بالمقلوب فليس عليك سوى متابعة مشعان الجبوري ، الرجل الذي يتقن فن القفز السياسي أكثر من إتقانه لأي موقف ثابت ، وكأنه لاعب سيرك محترف، كلما اقترب من السقوط قفز إلى حبل آخر ، دون أن يدرك أن الحبال مهترئة والأرض تنتظره بفارغ الصبر .
لم يكن معارضًا للنظام السابق ، بل كان الطفل المدلل ، عسكريًا وتجارياً يجلس في أحضان السلطة كما يجلس القط على مخدة ناعمة. وحتى عندما غادر العراق ، لم يكن طردًا ، بل أشبه بإجازة مفتوحة، ربما قال لهم: (راح أروح شوي أتنفس) ففتحوا له الأبواب دون عناء ، لأنه ببساطة لا يشكّل خطرًا على أحد ، إلا على المنطق!
مشعان سياسي ، إسلامي صباحًا بعثي ظهرًا ، علماني مساءً ، وربما (بوذي) إذا تطلب الأمر ، لا يجيد فن القيادة ، لكنه محترف في ركوب الموجات العالية ، لا يهم إن كانت موجة وطنية أو طائفية أو حتى موجة ( تسونامي ) المهم أن يُبقي رأسه فوق، حتى لو كانت الموجة ستقذفه إلى أعماق لا قرار لها .
أما تصريحاته، فحدّث ولا حرج ، هي أشبه بموسيقى نشاز ، تتناقض مع الواقع مثلما تتناقض السلحفاة مع سباق الماراثون ، كل مرة يكسر الجرة ، ظنًا منه أن تكسير الجرار سياسة علّه يجد منفذًا يوصله إلى جسر سني شيعي ، كردي وحتى لو كان جسرًا خشبيًا لا يهم ، فالمهم أن يمر ، لكنه في كل مرة يجد الجسر محترقًا وأوراقه رمادًا ، فلا يصل إلا إلى اللا شيء
وعندما أُغلقت أمامه أبواب العملية السياسية في العراق ، لم يجد حلاً إلا مغازلة الجولاني ، وكأن السياسة تحولت عنده إلى لعبة ( الغميضة) منشور هنا ، تصريح هناك ، علّه يثير انتباه رئيس النصرة ، لعلّ الأخير يعيد له أملاكه المصادرة في سوريا وكأن هذه الممتلكات هي آخر ما تبقى من هيبة الرجل .
رغم كل ذلك ، لا يزال ينطح الجدار السياسي ، يطعن الأغلبية ، ويهرف بما لا يعرف ، دون أن يتلقى ردًا حازمًا وكأن الجميع ينظر إليه كظاهرة صوتية ، تصرخ كثيرًا ولكن بلا صدى .
بالمختصر ، مشعان الجبوري هو السياسي الوحيد الذي ينافس نفسه في الخسارة ، لاعب احتياط في مباراة لم يدعه أحد للمشاركة فيها يعزف على أوتار مقطوعة ، ويصفق لنفسه بعد كل سقوط ، معتقدًا أن الجماهير تهتف له ، بينما هم في الحقيقة يضحكون عليه .