قراءة في كتاب “حكايتي مع التدين”

الورقة الرابعة

بقلم // د.أمل الأسدي

 

ـ الدين والمتدين

 

يقول المؤلف: إنه نشأ في مجتمعٍ يطلق علی الشخص الذي يصلي ويصوم(متدين) والذي لايصلي ولايصوم (غير متدين) وعلی هذا التصنيف كان يری الناس ويصنفهم، ومن ثم وبناءً علی هذا التصنيف وضع نفسه في خانة( المتدينين) ويقول: حقا كانت الأجواء التي أعيشها رائعة هادئة تسودها الأخلاق والتعامل المهذب ، لهذا كنت أجد نفسي محلِّقا في هذه الأجواء ولاسيما برفقة أصدقائي المتدينين في الجامع أو المكتبة أو الأماكن العامة، وكنت أشعر بارتياح حين أسمع أحاديث الأجر والثواب والمواعظ الروحية، فكل أصدقائي لديهم مواعظ يحفظونها ويتحدثون بها، وهذا ما دفعني الى حفظ المواعظ والبحث عنها في الكتب، فالشخص الذي يعرف قدراً أكبر من المواعظ؛ تكون له المكانة الأكبر والنصيب الأوفر من الاحترام والاهتمام.

ويستمر المؤلف في سرده قائلا:

كنتُ في تلك المرحلة المبكرة من عمري استأنس كثيراً بمجالسة المثقفين المتدينين، استمع الى كلامهم وأحاديثهم وأتعلم منهم، والتزم بنصائحهم، إذ كانوا يمثلون لي درجةً عالية من التدين، وفق التصنيف السائد عن المتدين، وهم بدورهم كانوا يشجعونني على قراءة الكتب الدينية، لهذا عكفت علی قراءتها بجدية وحرص، حتى قدمتها على كتبي المدرسية!

ولكي أتعمق في الإيمان، أخذت بنصائح المتدينين الذين يكبرونني سناً، بأن أقرأ كتب (الأخلاق) فهي تنظم السلوك وتهذب النفس وتقرِّب من الله تعالى، وقد التزمت بذلك التزاماً شديداً، فقرأت بدقة وتأمل وصبر: مكارم الأخلاق للطبرسي، والمحجة البيضاء للفيض الكاشاني، وثواب الأعمال وثواب الأعمال للشيخ الصدوق، وجامع السعادات للشيخ النراقي، ومرآة الرشاد للمامقاني، وتحف العقول للشيخ الحراني وغيرها الكثير.

 

كنت أقرأ تلك الكتب وأحاول أن أحفظ ما أجده من أحاديث ووصايا، أحفظ الأذكار والتسبيحات وأحفظ الأدعية التي تحفظني من الشرور، وأحفظ الأوراد التي تزيد الرزق وتديم النعمة. وأكثر ما أهتم به هو حفظ الأذكار التي تبعد عني غضب الله.

وبذلك أعدُّ نفسي قد ارتقيت بضع درجات في طريق التدين، ولاسيما مع تميزي على أقراني بعض الشيء بسبب قوة حافظتي للنصوص والروايات، فضلا عن قراءاتي الكثيرة التي ساعدتني على التفوق عليهم، وكان ذلك يعني في مقاييسنا أنني أكثر تديناً منهم!!

هكذا كان المجتمع يتعامل مع الناس ويصنفهم، وهكذا

منحنا لأنفسنا الحق في تقييم الناس بين متدين وغير متدين، ثم وضعنا أنفسنا موضع الحاكم على المتدينين في تحديد درجاتهم وتفضيل بعضهم على بعض وحين نمر على قوله تعالى: ((… فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ)) كُنّا نسهب في تفسيرها وشرحها، لكننا نهمل العمل بها، بل اتخذنا الطريق المعاكس لها!

 

🔻للحديث بقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى