قراءة في كتاب “حكايتي مع التدين”
الورقة السابعة
بقلم // د.أمل الأسدي
ـ أخلاقٌ مع الله وأخلاقٌ مع المجتمع:
يقول المؤلف: إن فهمه للدين علی أنه حال فردية خاصة به، جعله يركز علی أعماله العبادية وتمامها، فيحسن الوضوء ويضبط صلاته ويضبط صومه وحجه وسائر الأعمال العبادية، فهو لايستطيع ـ مثلاـ أن يقرأ سورة الفاتحة ناقصة أو يسجد سجدة واحدة أو يشرب قليلا من الماء مع قليل مع الطعام أثناء صيامه أو… أو إلخ لأن ذلك مرفوض، وسيُعرِّض أعماله للسقوط ومن ثم يدخل في دائرة غضب الله وعقابه، فقد كان دقيقا في أدائه للعبادات، وحريصا علی إتمامها، حتی لايضيع جهده سدًی.
ثم يواصل كلامه قائلا:
نعم.. كنت ملتزما في عباداتي تجنبا للعقوبة والحساب، أما التزاماتي مع الآخرين لم تكن بالدرجة نفسها من المسؤولية والانضباط، فمتی ما سمحت لي الفرصة بالتهاون في الدوام الرسمي فعلت ذلك، ومتی ما استطعت الحصول علی ربحٍ إضافي من العمل وبلا استحقاق، فعلت ذلك… الخ من الأعمال في الميدان الاجتماعي، فأفعلها من دون الشعور بالخوف أو الندم أو تأنيب الضمير!
نعم.. هذه هي حياتي التي عشتها وعاشها الكثير من الناس معي، وكثيرا ما كنت أبكي أثناء الصلاة خشوعا لله وتوسلا به ليغفر لي ويرحمني وبالمقابل قد خدعت الآخرين في مرات عديدة وكنت أضحك في داخلي فرحا بما أكسب من أرباح!
وفي زيارات الأربعين ـ مثلاـ كنت أحرص على تقديم الخدمات للزوار، أخدمهم بكل تواضع لأني أعرف منزلة الإمام الحسين وأدرك أن لخدمة الزائرين أجرا عظيما، ولكني كنت أتثاقل من تقديم الخدمة للناس بعد انتهاء الزيارة وسائر الإيام!
نعم، كنت صادقاً مع الله وأنا أقف بين يديه في الصلاة والدعاء، لكني كنت كاذباً في أحاديثي مع الآخرين، لأني كنتُ أبحث عن منفعةٍ شخصية أصيبها.
يواصل المؤلف سرده لحكايته فيقول: لقد راجعت شريط حياتي كله، وشعرت بالخجل مما فعلته، ثم سألت نفسي: هل وصلتُ الی النقطة المطلوبة التي تمكنني من الانطلاق الی التصحيح وترك الازدواجية لأكون صادقا أمينا مسؤولا مع الآخرين؟
كانت الإجابة مرتبكة مشوشة، مترددة، وهذا يعني أنها لحظة مراجعة مؤقته وستنتهي!
ولكني كنت في رحلة مراجعة حقيقية لهذا كررت هذا السؤال: ما سبب الازدواجية التي وقعتُ فيها ووقع فيها غيري؟
وهنا وجدتُ الإجابة حاضرةً وبسيطة وهي:
بسبب ما أسميه بالتدين الفردي، أو الفهم الفردي للدين، وهذا الفهم هو الذي جعلني أعيش الصدق مع الله تعالی، بينما لا أعيشه في التعامل مع الآخرين!
وأعتقد أن هذا الفهم الخاطئ هو الشائع في مجتمعاتنا، فقد أخذت هذا الفهم ـ أساساـ من المجتمع وهو ما أسميه(دين الناس) فتمسكت بدين الناس وتركت دين الله.
🔻للحديث بقية