قراءة في كتاب “حكايتي مع التدين”..الورقة العاشرة..عودة جديدة الى القرآن الكريم..!
كنوز ميديا/ د. أمل الأسدي
ـ عودة جديدة الى القرآن الكريم
يواصل المؤلف رحلته مع التدين وقد اقترب من نهاية الرحلة، وهنا قرر العودة من جديد إلی القرآن الكريم ، وهدفه من هذه العودة معرفة الإيمان، فما هو الإيمان؟
وأين يكمن الخلل الذي وقعت فيه فأبعدني عن المستوی المطلوب؟
لقد وقف المؤلف عند الآيات التي تتحدث عن الإيمان والذين آمنوا، فوجدها علی نمطين:
🔻الأول: يختص بذكر الذين آمنوا وحدهم، من ذلك قوله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لله إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)) سورة البقرة: ۱۷۲
🔻الثاني: يذكر الذين آمنوا ذكرا مقترنا بالعمل الصالح مثل قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهارُ…)) سورة البقرة: الآية: ٢٥.
وهنا استقر لدي مفهوم خلافة الإنسان، ورحت أبحث في كتب التفسير عن هذين النمطين من الاستعمال، فلفت نظري ماذكره السيد الطباطبائي في الميزان، في تفسيره لقوله تعالی:((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)) سورة الأسراء: الآية:٩ وقد خلص في تفسيره إلی أن الله تعالی قد جعل للمؤمنين من النمط الثاني حقا علی نفسه، النمط الذي يقترن فيه الإيمان بالعمل الصالح، أما النمط الأول من المؤمنين إيمانا بلا عملٍ؛ فإن أجرهم مرتبط بشروط أخری مثل التوبة أو الشفاعة.
إذن؛ التمايز بين المؤمنين هو العمل الصالح، فالذين يعملون الصالحات يضمن الله لهم الأجر والجزاء الثابت، أما الإيمان من غير عملٍ صالح، يصبح مجرد مشاعر قلبية ليس لها أثر اجتماعي في الواقع، ولعل المشكلة البارزة التي نقع فيها هي الشعارات التي نرددها والأفكار التي نحملها ونؤمن بها، ونظن أننا استوعبناها ولكن الحقيقة شيء آخر، فمثلاً، نحن نقتنع بأن مساعدة المحتاج عمل انساني رائع وندعو الآخرين اليه، لكن هل نبادر الى مساعدة الآخرين دائماً؟
وقد سألت نفسي كم مرة رأيت فيها محتاجاً ولم أبادر الى مساعدته؟ لقد أهملت وأهمل الكثير منا مساعدة المحتاجين، ولم نشعر بوخزة بداخلنا تعاتبنا على تركه من دون مساعدة!!
وعلی هذا أصبح إيماننا كالبطاقة الشخصية
التي نحملها فقط من دون أن نحوله إلی أسلوب حياة، يعود بالثمار الاجتماعية علی الجميع فضلا عن عودته بالمنفعة علی أصحابه، وهذا يعكس واقعَنا إذ إننا نريد الوصول إلی الجنة بالصلاة والصوم وبعض الواجبات فقط، ونهمل العمل الصالح الذي يجب أن يكون حاضرا في حياتنا اليومية، في البيت أو في العمل، وقد قال تعالی :((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة النحل، الآية: ۹۷.
إن سياق الآية جعل العمل الصالح هو الشرط الأساس المكمل للإيمان، وهو شرط حصول الإنسان على الرحمة الإلهية في الحياة الطيبة وفي الجزاء بالحسنى.
إذن، يركز القرآن الكريم علی العمل الصالح، فهو معيار التفاضل والتمايز وهو الطريق المؤدي إلی الجنة، فقد قال تعالی :((مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)) سورة الروم الآية: ٤٤
فهذه الآية جعلت العمل الصالح مظهر الإيمان الحقيقي، فتمهيد الانسان لحياته في الآخرة ونيل مرضاة الله؛ يكون بالعمل الصالح الذي يقدمه العبد المؤمن قربة الى الله تعالى.
وفي المقابل نجد قوله تعالی: ((وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ) سورة السجدة: الآية : ١٢
فتبين الآية خطاب المجرمين في الآخرة، إذ توسلوا الى الله أن يرجعهم الى الدنيا ليقوموا بالأعمال الصالحة، بعد أن شاهدوا جزاء العمل الصالح وأهميته.
وكثيرة هي الآيات التي تضع العمل الصالح شرطاً أساسا لدخول الجنة الى جانب الإيمان، والتي ينبغي لنا أن نتخذها منهجا وأسلوبا في حياتنا.
🔻 بانتظار الورقة الأخيرة