ترامب يلوّح بالدولة الابراهيميَّة..!

كنوز ميديا _ محمد شريف أبو ميسم

 

في الخميس الأخير من شهر رمضان، أقيمت مأدبة افطار في البيت الأبيض لعدد من سفراء الدول العربية والاسلامية، شدد خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التزامه بإحلال السلام في الشرق الأوسط عبر تعزيز الاتفاقيات الإبراهيمية، قائلا “نحن من بدأنا هذه الاتفاقيات التاريخية، التي بدأ الناس يتحدثون عنها بالفعل، وسننفذها بسرعة كبيرة».

الاتفاقيات الابراهيمية، هي مجموعة اتفاقيات التطبيع بين بعض النظم العربية ودولة الاحتلال، ويراد بهذا العنوان، الذي يوظف اسم أبي الأنبياء سيدنا ابراهيم، الحد من توريث الصراع بين أصحاب الأرض والصهاينة الذين يدعوّن انتماءهم لليهودية،

وهم في الغالب وبحسب “كتاب كنيس الشيطان لآندريو كارينغتون” أقوام هاجرت من بلاد القوقاز تدعى “الخزر الاشكينار ومنهم عائلة روتشيلد” التي اعتنفت اليهودية للهروب من تداعيات الحروب بين المسلمين واليهود في تلك البلاد، ووقفت وراء ما يسمى بوعد بلفور، وتملك حاليا نحو نصف المقدرات العالمية، فيما تشكل تحالفا عمقه المال والهيمنة على العالم مع بضع عوائل أخرى في مقدمتها عائلات “روكفلر، مورغان،

دوبونت، بوش” وهي مجموعة أسر تشكل ما يسمى بالدولة العميقة “، اذ يحاول هؤلاء أن يتخذوا من اسم ابراهيم عنوانا، بوصفه أبا لاسماعيل، الذي جاءت من سلالته الرسالة المحمدية الاسلامية، وأبا لإسحاق أبو إسرائيل الذي جاءت من سلالته الديانات اليهودية والمسيحية، بهدف توظيف المشتركات، التي تتمثل بمرجعية أب مشترك لهذه الأقوام هو سيدنا ابراهيم، ورسالات سماوية تشترك في توحيد الله سبحانه، ومنطقة جغرافية كانت مهدا لهذه الديانات.

بناء على هذه المشتركات، دارت في أروقة القائمين على المشروع الصهيوأمريكي، فكرة الترويج للدين الابراهيمي، إلا أنها وعلى ما يبدو اصطدمت بعدم مقبولية وجود دين جديد، ليكون تخريجها عبر مسمى الدولة الابراهيمية، التي يتماهى فيها المشروع الشرق أوسط الكبير مع المشروع الصهيوني القائم على فكرة الوعد الابراهيمي بهدف الهيمنة على هذه المنطقة.

اذ يوظف الصهاينة، فكرة، أن الإله وعد إبراهيم على أن تكون هذه الأرض لنسله، فهي “أرض الميعاد” التي سيعود إليها اليهـود، أي الأرض التي سـتشهد نهاية التاريخ. ففي سفر التكوين 15: 7 قال الرب لابرام “ أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها” وفي سفر التكوين أيضا “وفي ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام عهدا، وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير.

هي تارة “أرض الرب” وتارة أخرى “الأرض التي يرعاها الإله” وأحيانا ترد في كتبهم بوصفها “الأرض المختارة”، و”صهيون التي يسكنها الرب”، و”الأرض المقدسة”، التي تفوق في قدسيتها أيّ أرض أخرى لارتباطها بالشعب المختار، وقد جاء في التلمود:

“الواحد القدوس تبارك اسمه قاس جميع البلدان بمقياسه ولم يستطع العثور على أية بلاد جديرة بأن تمنح لجماعة يسرائيل سوى أرض يسرائيل”. وتنويعا على معتقد اليمين اليهودي هذا يروّج الصهاينة، ان وعد الله لنبيه ابراهيم تجدد لابنه إسحاق ومن ثم ليعقوب (اسرائيل) ثم أسندت أرض الميعاد لأولادهم، اذ يحل الإله في الارض لتصبح أرضا مقدسة ومركزا للكون، ويحل في الشعب ليصبح شعبا مختارا، ومقدسا وأزليا،

هذا ما يفسر سرقتهم لتاريخ يهود العراق من دار الوثائق العراقية عند دخول الاحتلال في محاولة للانتساب اليه، وسرقة كل ما ينفي ادعاءاتهم من رقم طينية وآثار تثبت عكس ذلك، وتدمير كل ما ينفي ادعاءاتهم في الموصل عند دخول داعش.

فكرة مشروع الشرق أوسط الكبير قائمة على مجموعة من الدوافع والاسباب في مقدمتها، السيطرة على الشرق الأوسط بوصفه مركز العالم، ومصدر للطاقة التي ستنضب مع حلول نهاية العقد الرابع من هذه الألفية بحسب “نظرية قمة هوبرت النفطية” اذ سيكون انتاج آخر برميل نفط من هذه المنطقة، وتحديدا من العراق، فضلا عن كونها مصدرا لخامات عديدة، وبيئة أعمال مناسبة لنقل الصناعة من الشمال المكتظ بمصادر التلوث الصناعية التي تقيدها القوانين، إلى بيئات أعمال لا توجد فيها المحددات البيئية، وسوق كبيرة لاستهلاك السلع المنتجة، فضلا عن كونها ملتقى لثلاث قارات تمر من خلالها نحو 40 بالمئة من حركة التجارة العالمية،

ما سيسهم في تقليص نفقات حلقة النقل، والأهم من ذلك، فان من يسيطر على هذه المنطقة فانه يسيطر على الجهات الأربعة، وتكون له الكلمة الفصل في ملفات عديدة، في مقدمتها ملف الهيمنة والحد من التمدد الصيني والروسي والايراني، وبالتالي إقامة نظام القطب الواحد بامتياز.

وهذه الدوافع كانت سببا لتوظيف السردية الصهيونية الخاصة بأرض الميعاد، وسببا في اعادة انتاج الليبرالية بوصفها نظام حكم يستبدل سلطة الدولة بسلطة الرساميل، التي تتولى ادارة شؤون السياسة، وقيل في بروتوكولات بني صهيون، التحكم بالكرسي خيرا من الجلوس عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى