لليمن سيادة في مياهها..حق أصيل بين الحقيقة والتضليل..!

بقلم _ يحيى احمد صالح سفيان

 

بسم الله الرحمن الرحيم
٩ شوَّال ١٤٤٦/١١ إبريل ٢٠٢٥

إن موقف اليمن واضح قيادة ومؤسسة عسكرية وشعب منذ انطلاق العمليات العسكرية الداعمة لغزة في البحر الأحمر إذ أن موقف صنعاء كان موقف واضحًا لا لبس فيه تصدرته القيادة السياسية والعسكرية وتبنّاه الشعب اليمني بإجماع لافت ، ولم يكن ذلك ناتجًا عن توجيهات لحظية أو دوافع آنية بل عن موقف أخلاقي وإنساني وإيماني يعكس التزامًا ثابتًا بمناصرة مظلومية الشعب الفلسطيني التي تفاصيلها يعلمها العدو قبل الصديق ويؤمن البعيد والقريب بكل الدوافع المعلنة لمناصرة المظلومين هناك قتلاً وحصاراً وعلى مرأى ومسمع من العالم .

إن حقيقة الموقف اليمني هو فك قرار حضر عن مرور سفن الكيان الصهيوني المحتل وكل السفن ذات العلاقة بموانئه في فلسطين المحتلة وعدم تعريضها للقصف مقابل فك الحصار على غزة وإيقاف جرايم الإبادات الجماعية التي يستهدف بها الكيان الصهيوني المحتل الأطفال والنساء وكل الآمنين هناك بل وكل العاملين في مختلف النشاطات الإنسانية .

لقد أكدت صنعاء مرارًا عبر تصريحات سماحة السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله وبيانات القوات المسلحة اليمنية ووسائلها الإعلامية أن البحر الأحمر مفتوح أمام حركة الملاحة الدولية ، دون استثناء ما لم تكن السفن متجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة أو مرتبطة به تجاريًا ، وهذا الموقف لم يُتخذ عبثًا بل هو رد مشروع على حصار مميت يطال أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة يُمنَعوُن من الغذاء والدواء وأبسط مقومات الحياة .

ومن الواضح في كل خطاب يمني رسمي أن الاستهداف العسكري للسفن ليس هدفاً بحد ذاته وإنما أداة ضغط لوقف العدوان على نساء واطفال غزة والعُزّل هناك ووسيلة دفاع إنساني تجاه شعب محاصر وفي حال رفع الحصار عن غزة ، ووقف العدوان وعودة الكيان الصهيوني إلى الالتزام ببنود الاتفاقيات مع المقاومة الفلسطينية والتي أفشلها نتنياهو بسياساته العدوانية فإن قرار الحظر سيتم رفعه تلقائيًا وتعود الملاحة إلى أمنها الكامل في البحر الأحمر وغيره .

لكن الخطاب الإعلامي والسياسي والعسكري الأمريكي يكرس من خلال خطابه فكرة أن الملاحة البحرية في البحر الاحمر وغيره لكل السفن تواجه المخاطر وتتعرض لنيران القوات المسلحة اليمنية فيختلق الذرائع تبريراً للعدوان والقصف من وقت لآخر على شعبنا مستهدفاً الاعيان المدنية والآمنين ،

ورغم الوضوح في الموقف اليمني وما يدعو إليه من موقف إنساني لا يختلف عليه إثنان من الكرة الارضية أحدهما من الشرق والآخر من الغرب او احدهما من الشمال والآخر من الجنوب تصر الإدارة الأمريكية على تصوير الوضع بشكل على غير حقيقته فتُطلق على الموقف اليمني تسميات مثل ( عدوان حوثي على الملاحة الدولية ) او ( الحوثي يعسكر البحر الأحمر ) فصار التعاطي مع الموقف على أنه تهديد خطير على كل حركة الملاحة البحرية وبالتالي التبرير لشن هجمات جوية على اليمن على شعبنا تستهدف البنية التحتية وتقتل المدنيين في عدوان غير مبرر لا يستند إلى أي قانون دولي ولا يقره عقل .

إنها حرب إعلامية قبل أن تكون عسكرية تسعى لتجريد الموقف اليمني من شرعيته الأخلاقية وتحويله إلى مصدر خوف للعالم بينما تغض الإدارة الأمريكية الطرف عن جريمة رئس حكومة الكيان المحتل في إعاقتة لإستكمال تنفيذ بنود الإتفاق المبرم بين الكيان والمقاومة الفلسطينية وتغض الطرف عن المجازر اليومية في حق الآمنين بغزة وفقاً للقوانين الدولية والشرائع السماوية وتغض الطرف عن الحصار المميت على أبناء غزة .

وهكذا تتراكم التعقيدات في الكثير من القضايا حتى تصير قضيايا صراع تتصاعد من دون مبرر ( بحق ) مع أن الحلول سهلة وممكنة كما هو في قضية ( الملاحة الدولية في البحر الاحمر وغيره ) والتي تكمن بإحترام الإدارة الأمريكية للقيم الإنسانية التي يتضمنها الموقف من صواب وأحقية في ما تقوله سلطة صنعاء من فك الحصار المميت على غزة وإيقاف المجازر في حق الآمنين هناك والعودة الى استكمال بنود الإتفاق بعيداً عن العناد والتعصب الاعمى .

فهل يختلف على هذا إثنان في الكرة الارضية ؟!
إن حل المشكلة سهل ولا يتطلب تصعيدًا أو مغامرات عسكرية يكفي أن تلزم الولايات المتحدة الكيان الصهيوني بفك الحصار عن غزة : أفليس هذا موقف إنساني ؟ !!!!
وأن تدفعه إلى تنفيذ ما تبقى من اتفاقاته مع المقاومة الفلسطينية : أفليس هذا حق وموقف إنساني أيضاً؟!
ومن ثم يُفتح البحر الأحمر ويؤمن غيره من البحار : أليس هذا أيضاً موقف إنساني وحق.. وأليس موقف إنساني أيضاً وحق أن كان الربط بين تحقيقه بتحقيق فك الحصار عن غزة والكف عن المجازر والعودة الى تنفيذ ما تبقى من بنود الإتفاق ؟!

وإذا كانت إدارة البيت الأبيض سواء في نسختها الترامبية أو الديمقراطية تتحدث عن (القيم الإنسانية) و(الحقوق الدولية) فهنا إمتحان يُظهِر مدى مصداقيتها في ما تتحدث عنه الى قبل يومين من تاريخ هذا حين كان الرئيس دونالد ترامب قد تحدث عن ( قيم إنسانية ) في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع صديقه رئيس حكومة الكيان المحتل الملاحق من القضى الدولي لارتكابه جرايم حرب : فإذاً هل يُعقل ويستساغ أن تُنادي واشنطن بحقوق الإنسان بينما تدعم كياناً يفرض حصارًا مميتًا على الأطفال والنساء والشيوخ من كبار السن ويمنع عنهم العلاج والغذاء وينقلب على ما تم الإتفاق عليه بدون مبرر إلّا أنها العدوانية التي يمارسها ومؤسسته العسكرية ويرتكب فيهم منذ عام وسبعة شهور الإبادات الجماعية وحول مدنهم الى خراب .

إن التوجه الأمريكي المفترض هو ان يكون نحو تبني الحل السياسي والأخلاقي بدلًا من تأجيج الصراع إذ بهذا سيكون له أثر بالغ في خفض التوتر في منطقة ما يسموه بالشرق الأوسط ، وكذا منع التصعيد والتوسع في جبهات جديدة بل وحماية المصالح الأمريكية من تبعات المواجهة الطويلة .

إن استعادة شيء من المصداقية الدولية التي تفقدها واشنطن بشكل متتالي في نظر الشعوب لهو موقف تجاوزه والتغافل عنه يعتبر غبى سياسي يقود إلى الإستكبار المرفوض والمنبوذ سياسياً على مستوى ساسة دول العالم وإنسانياً على مستوى كل شعوب العالم بمختلف معارفهم لما يسببه من إستهداف للعلاقات الدولية من مخاطر وعدم إستقرار ولما يشكل من إنحراف واضح عن القيم الأخلاقية .

وبالتالي فإن موقفًا أمريكيًا منصفًا في هذه القضية وفي ضل مخاطبتهم للعالم عن القيم الإنسانية لا ينعكس فقط على أمن الملاحة بل على مستقبل العلاقات الدولية وعلى إمكانية تجنب حروب لا طائل منها بالنسبة لامريكا على وجه الخصوص بل مآسي يمكن تفاديها بقرار شجاع .

فإذاً المعادلة واضحة ( والكرة في مرمى الإدارة الترامبية الإمريكية ) رفع الحصار عن غزة والتوقف عن ارتكاب المجازر والعودة الى تنفيذ ما تبقى من بنود الإتفاق تعود الملاحة إلى أمانها وينتهي عسكرة البحر الأحمر التي تستهدف سفن الكيان الصهيوني التجارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى