*ابتعد سبعة أقدام عن المعلّم… حتى لا تدوس على ظلّه بالخطأ ومن علّمني حرفًا… ملكني عبدًا* 

بقلم _ بلقيس الجبوري

تولد بعض الحِكم في اليابان، وتنمو أخرى في بلاد العرب،

لكن حين يجتمع الشرق بالشرق، لا بد أن يكون المعلّم هو القاسم النقيّ المشترك.

 

فالمعلّم ليس وظيفة، بل رسالة،

وليس ناقلًا للحرف فحسب، بل صانعًا للإنسان.

 

حين يقول الياباني: “ابتعد سبعة أقدام عن المعلّم حتى لا تدوس على ظلّه بالخطأ”،

فهو لا يقصد المسافة الجسدية، بل تلك المسافة النفسية والروحية التي تحفظ الهيبة.

يريدك أن تدرك أن القرب المفرط من صاحب العلم قد يُفقِدك إدراك عُمقه.

فأحيانًا، حين نقترب أكثر من اللازم، نرى الجرح ولا نرى التضحية،

نلمح التعب ولا نلحظ الحب،

ونحسب الصمت ضعفًا، وهو أعظم دروس التواضع.

 

وحين يقول العربي: “من علّمني حرفًا ملكني عبدًا”،

فهو يزرع فيك أصل الوفاء.

فالحرف لا يُهدى، بل يُؤتَمن عليه،

ومن وهبك نور الإدراك، صار له في عنقك دَين لا يسقط بمرور الزمن.

 

فلا تقترب من معلّمك لتغلق نوافذ فضله،

ولا ترفع صوتك فوق صوته، وإن خالفت رأيه.

دع بينك وبينه مسافة احترام، ولو ملأتما الغرفة صمتًا.

فهو من منحك أداة التعبير، فكيف تُنكر عليه الكلمة؟

 

في زمنٍ اختلطت فيه الأدوار،

وصار التلميذ يُنكر مَن علّمه،

لا بأس أن نُعيد قراءة هذه الحِكم من جديد،

علّها توقظ فينا ما نام تحت غبار العُجب والغرور.

 

إلى كل معلّم مرّ في حياتنا…

نحن لم نكن نعلم، وأنتم كنتم النور،

فشكرًا لكم،

وسنمشي على أطراف احترامنا…

كي لا ندوس على ظلالكم، لا عمدًا ولا خطأ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى