هل يجوز لمجلس الوزراء ان يعدل قوانين نافذة المفعول؟؟
بقلم _ أ.د. غازي فيصل
اصدر مجلس الوزراء قرارا برقم (١٥٢) لسنة ٢٠٢٥ عدل بموجبه عددا من القوانين المتعلقة بالتعيين المركزي واحتساب الشهادات للموظفين الحاصلين عليها بعد التعيين ووضع ضوابط للأغراض المذكورة مراعاة للوضع المالي للدولة . وبشأن القرار المذكور نورد الملاحظات الآتية :-
(١)نصت المادة (٨٠) من الدستور على ان (يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات (والصحيح الاختصاصات)الآتية :- ثالثا- اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين) وتجلية للنص المذكور نقول ان كل مايملك مجلس الوزراء هو اصدار قرارات ادارية تنظيمية تسهل تنفيذ القوانين والتالي لذلك وهذه بدهية لايماري فيها أحد انه لايجوز له البتة تعديل القوانين المشرعة من مجلس النواب فدوره لايتعدى تسهيل تنفيذها وعدم ايراد احكام جديدة عليها والا يكون قد اغتصب سلطة المشرع وهذا لعمري عيب اختصاص جسيم ينحدر بالقرار الى الدركة السفلى من عدم المشروعية ويصبح معدوما عقيما عن إنتاج اثار قانونية ولكل ذي مصلحة مباشرة إن يطعن به امام محكمة القضاء الاداري ويطلب الغاءه بعد التظلم منه امام الجهة التي اصدرته .
(٢) ان القوانين التي عدلها قرار مجلس الوزراء وغيرها اقرت حقوقا للمواطنين والموظفين وبالتالي لايجوز لمجلس الوزراء سلبها او الانتقاص منها فالحق الذي يهبه المشرع محمي بقوة القانون ولا يجوز للسلطة التنفيذية المساس به قيد انملة والا تهدم جدار الفصل بين السلطات
وتحولنا الى ما يسمى ب(دمج السلطات) وهي حالة لاتحصل الا في دولة اللاقانون .
(٣) اجاز قانون الخدمة المدنية وقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام وقانون اسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والاجنبيةاحتساب الشهادات التي يحصل عليها الموظفون اثناء الخدمة على وفق ضوابط معينة تراعي مصلحة الموظف والصالح العام في آن واحد فكيف يمكن لمجلس الوزراء ان يعدل نصوص القوانين المذكورة تحت ذريعة الوضع المالي للدولة ؟واذا كانت هناك ضرورة ملحة لمثل هذا التعديل فأما كان الاولى به ان يفاتح مجلس النواب لاصدار قانون بهذ المآل بدل ان يحل هو محله فيصدر القرار محل التعليق؟
(٤) لو ضربنا صفحا عن القيمة القانونية لقرار مجلس الوزراء وطوينا عنها كشحا ووضعنا القرار في ميزان المنطق السليم فسنراه مرجوحا قطعا باليقين اذ ماهي تكلفة احتساب الشهادات للموظفين؟ ان الزيادات المترتبة من الاحتساب لاتساوي الا دراهم معدودات وهي لاتشكل واحدا من الألف من المبالغ الي ينهبها الفاسدون من الدولة كل يوم فلقد تكاثروا عدد الحصى وتداعوا على اموال الدولة تداعي الابل البهيم على حياضها يوم ورودها فهل تمت محاسبتهم والاقتصاص منهم ؟الجواب يقينا كلا لأننا شهرنا بوجوههم سيفا كليلا لابل اكرمناهم على أفعالهم الشنيعة أفلا يعلم الناس ان الفاسدين الذين سرقوا اموال الدولة تم شمولهم بقانون تعديل قانون العفو العام مهما كانت المبالغ التي استحوذوا عليها بعد ان يجرون تسوية مع الدولة بشأن استرجاعها وان استرجاعها سيكون على أقساط فهم استولوا عليها دفعة واحدة والدولة تسترجعها على أقساط وكأنها قروض منحت لهم او ليس هذا تكريما لهم وتشجيعا ؟ اننا نذكر مجلس الوزراء بالآية الكريمة ( واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) فاعطوا المستحقين حقوقهم كاملة لانقص فيها واقتصوا من سراق اموال الدولة واضربوا على ايديهم بمقامع من حديد لأنكم أمناء عليها واذا كانت هناك ضرورة ملحة لتقليل نفقات الدولة فاقترحوا على مجلس النواب استصدار قانون بهذا المعنى حتى ينساب العمل في أجهزة الدولة على الوجه الاسنى ونقول بملء الفهم مفتخرين اننا دولة قانون ومؤسسات .