الجولاني غير مرحّب به في العراق… من سجن بوكا إلى عرش الدم في سوريا

بقلم _ضياء ابو معارج الدراجي

ما من مجرم طاف على خرائط بلادنا بعد 2003، تلبّس ثوب الدين وتزيّا بلباس المجاهدين، وسفك من دماء العراقيين كما فعل أحمد الشرع، المعروف بلقب “أبو محمد الجولاني”، ذاك الاسم الذي تلطّخت يداه بالدم قبل أن يُسجن، واستكمل المسيرة بعد أن خرج من سجن بوكا الأمريكي. هذا الرجل لم يبدأ تاريخه الإرهابي بعد الاحتلال الأمريكي، بل كان من ضمن ما يسمى باشبال فدائيي صدام العرب قبل سقوط النظام عام 2003، جاء للعراق مقاتلاً في صف البعث الدموي، مجرمًا بعقيدة، حاقدًا بطبيعة، ومشوّه النفس بالفكر البعثي التكفيري الذي ربّى أمثاله على القتل والدم والانتقام.

خرج من بوكا، لا ليعود إلى مدنيته، بل ليمضي في سيرة من النار، تنقّل بين تنظيمات القتل، من القاعدة إلى داعش، ومن ثم إلى الجيش الحر، ثم هيئة تحرير الشام، وكل محطة كانت أشد ظلامًا من التي قبلها. حتى إذا ما تمكّن، لبس عمامة الشرع، وتكلم بلغة السياسة، وركب الموجة الدولية، ليفرض نفسه رئيسًا على سوريا المدمرة، سوريا التي ما عرفت السكينة منذ أن تسلّق هو وأمثاله على جثث أهلها.

في العراق، اسمه محفور على شوارعنا بالدم، في الموصل، في ديالى، في بغداد، في كل بقعة طالتها يد الإرهاب، كانت بصمته واضحة، شارك في سفك دماء أبناء شعبنا، فجّر، ذبح، اغتال، وأشعل الفتن الطائفية، ثم خرج كأن شيئًا لم يكن، يتحدّث عن العدالة وكأنه لم يكن أحد أركان الجريمة.

ثم جاء زمن الشام، فلبس وجها جديدا، مرة “نصرة”، وأخرى “تحرير”، ومرة “حر”، وكلها أسماء لتغطية وجه واحد لا يتغير: وجه القاتل. ارتكب المجازر بحق الأقليات، هجّرهم من قراهم، سبى نساءهم، وسلّط جلاديه على رقاب المدنيين، وأسس كيانًا متطرفًا يسير على نهج داعش ذاته، لكن بعباءة جديدة.

حتى أمريكا، التي كانت بوابة خروجه من بوكا، لم تستطع تبرير صعوده، وخفّضت تمثيل سوريا في واشنطن إلى بعثة لحكومة غير معترف بها، في اعتراف ضمني بأن الجولاني لا يمثل دولة، بل يمثل مشروع خراب متنقل.

أما نحن، العراقيون، الذين اكتوينا بناره منذ أن كان في صفوف فدائيي صدام، مرورًا بصفوف القاعدة وداعش، وانتهاءً برئاسته المفترضة في دمشق، نقولها بملء الفم: لا أهلاً ولا سهلاً، لا بيننا ولا على أرضنا.

ومن يحاول أن يستقبل الجولاني في العراق لكسب أصوات السنّة الموالين للجولاني، فلن ينجح في ذلك، لا السنّة سيصوّتون لك، لأنهم لا يرونك ممثلا لهم، ولا الشيعة سيغفرون لك، لأنك كسرت قلوبهم ودعوت قاتل أبناءهم وصافحته بيدك. من راهن على اللعب على الحبلين، خسر كلا الطريقين، ونقولها بصوت واضح: ضيعت المشيتين.

الجولاني ليس رئيسًا، بل لعنة تسير على قدمين، وكل من يحاول تبييض صورته، شريك له في الجريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى