تمايز العلم عن المعلوم

بقلم _الشيخ عبدالكاظم مجيد حبيب الاسدي

بل إنّ ما يفكر به الحكيم أو المتكلم على أنّه “واقع” و”خارج” إنّما يتّضح بالتحليل الدقيق أنَّه كذلك على “الحمل الأولّي” و”الحمل الشائع” للموجود الذهني، وإلاّ فهو ليس واقعياً ولا خارجياً. وعليه فإنّ الحكيم والمتكلم يرتبطان مع المصداق من وراء حجاب المفهوم، ومع العين من وراء حجاب الذهن، وليس لديهما أدنى ارتباط مع المصداق والموجود العيني من دون هذا الحجاب.
تمايز العلم عن المعلوم
التباين والاختلاف بين العلم والمعلوم يتّسع أحياناً ويضيق أحياناً أخرى. فحينما تكون للمعلوم العيني ماهية معينة فإنها تتّخذ مكانها في إطار النفس رغم أنّ الوجود العيني الأصيل لها لا يرقى إلى الذهن، ومن هنا يمكن الاطّلاع على الماهية الخارجية التي يمكن تصورها في الذهن، رغم أنّه لا يترتب عليها أي أثر، لأنّه لا يخطر على الذهن أي أثر لذلك الوجود العيني، وأنّ ما يطرأ على الذهن هو الماهية التي لا أثر لها لأنّها اعتبارية. ولكن حينما يتجرد المعلوم العيني من الماهية ومن الجنس والفصل فليس هويته فقط لا تطرأ على الذهن، بل حتى ماهيته التي تحكي عنها لا تطرأ على الذهن أيضاً على أساس قاعدة “سالبة بانتفاء الموضوع”، وإنّ ما يطرأ على الذهن مفهوم يختلف عن المصداق العيني والموجود الخارجي للأسباب الآتية:
أولاً: المفهوم عامّ كلي، وذلك الموجود العيني شخص كالواجب تعالى، والكلّي غير الشخص.
ثانياً: المفهوم غائب، والموجود العيني كالواجب تعالى حاضر على الدوام، والغائب غير الحاضر.
ثالثاً: المفهوم الذهني مسبوق بالجهل وملحوق بالسهو والنسيان، أي أنّه محكوم بالتغيّر، أمّا الموجود العيني كالله سبحانه وتعالى فإنَّه منزَّه عن أي تغيّر، ولا ريب في أنّ المتغير يختلف عن الذي لا يكون عرضة للتغيّر.
وبناءً عليه، فإنّ ما يكتسبه أهل الاستدلال الفلسفي والكلامي في الحالات الحسّاسة والمهمة من المعارف التوحيدية يختلف عمّا يتوصل إليه أهل العرفان بالشهود الوجداني. فإن أي شاهد محدود لا يستطيع اكتناه مشهود غير نساالكم الدعاء الله يحفظكم اخوكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى