الفرقُ بين «لا اليمن» و«نعم العرب»

بقلم: أم هاشم الجنيد

 

حين نقرأ العنوانَ للوهلةِ الأولى، قد يستوقفنا بعضُ الشيء، ولكن حين نغوصُ في معناه، ندركُ الفرقَ الجوهري بين «لا» التي صرخت بها اليمنُ الحرّةُ الشامخةُ، و«نعم» التي ارتضاها بعضُ العربِ عنوانًا لواقعهم المرير.

 

إنّ «لا» اليمنِ ليست مجرّدَ كلمةٍ عابرة، بل موقفٌ تاريخيٌّ تجسَّد بالدماءِ والبطولات، رفضٌ لكلِّ أشكالِ التبعيّةِ والانصياع، «لا» للارتهان، و«لا» للوصايةِ الخارجية، «لا» للخنوعِ أمام الغطرسةِ الأمريكية، ولا أمام جبروتِ الكيانِ الصهيوني، «لا» للصمتِ المخزي إزاء المجازرِ والانتهاكاتِ التي تطالُ الأمةَ بأسرها تحت سمعِ العالمِ وبصره.

 

لقد حملت «لا» اليمنِ معاني الصمودِ والإباءِ، وتجسّدت صرخةً مدوّيةً في وجهِ مشاريعِ التطبيعِ والانبطاح، أطلقتها في زمنٍ سقطت فيه عواصمُ كثيرةٌ تحت راياتِ الذلِّ والمهانة، فتبدّلت البوصلةُ، وانحرفت المساراتُ، حتى باتت القدسُ، في قواميسِ البعض، شعارًا منسيًّا، واستُبدلت القضيةُ الأولى بمصالحَ ضيقةٍ وصفقاتٍ مشبوهة.

 

في المقابل، نجد «نعم» العربِ المؤلمة؛ «نعم» التي صارت تعني الخضوعَ للقراراتِ الأمريكية، «نعم» للمصافحاتِ العلنيةِ مع قتلةِ الأطفال، «نعم» لبيعِ الأرضِ والعرضِ بثمنٍ بخس، «نعم» لمجاراةِ المحتلِّ في خياناته، و«نعم» للصمتِ القاتلِ في زمنٍ تتحدثُ فيه الصواريخُ والمسيراتُ من قلبِ اليمنِ إلى قلبِ فلسطين.

 

لقد قالت اليمنُ، بصوتها الحرِّ، «لا»، فوضعت الحجرَ الأساسَ لصحوةٍ قادمةٍ ستغيّر وجهَ المنطقة، بينما قال كثيرٌ من العربِ «نعم»، فساروا على دربِ التيه، حتى ابتلعهم الفراغُ السياسيُّ والعارُ التاريخيُّ، وصاروا عبئًا على شعوبهم وعارًا على أمتهم.

 

إنّ الفرقَ بين «لا» اليمنِ و«نعم» العربِ هو الفرقُ بين الكرامةِ والهوان، بين الموقفِ والخنوع، بين تاريخٍ يُكتبُ بماءِ الذهب، وحاضرٍ يُسطَّرُ بمدادِ الخيانةِ والتخاذل.

 

ومن هنا نقول: إنّ صوتَ اليمنِ، الذي اختار أن يقفَ في خندقِ الحقِّ والحريةِ، لن يخفتَ، بل سيظلُّ يترددُ في الآفاقِ حتى تنهضَ الأمةُ من سباتها، وتدركَ أنّ «لا» التي قالتها اليمنُ، هي السبيلُ لاستعادةِ مجدِ الأمةِ وعزتها المسلوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى