{وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} 

بقلم: بشير ربيع علي الصانع 

 

{وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.. تلك الآية الوجيزة، لكنها تحمل في طياتها وعدًا ربانيًا عظيمًا، وتنصب ميزانًا واضحًا للتكليف الإلهي: العمل هو السبيل، والجنّة هي الجزاء. لكنها ليست أيّ عمل، بل هو العمل المتجرد لله، النابع من وعيٍ وبصيرة، المتشح بالصبر، والمتسلّح بالإيمان.

 

الجنّة لا تُنال بالأماني، ولا تُدرَك بالتقاعس والتراخي، بل تُنتزع انتزاعًا من مضمار الابتلاء، ومن ساحات التضحية. الجنّة تحتاج إلى بصمةٍ تُسجَّل، وإلى أثرٍ يُترك، إلى عرقٍ يُهراق، وإلى دمٍ يُسفك في سبيل الله، حين تكون المواجهة فرضًا، لا خيارًا.

 

وفي زمن كهذا، حيث ترتفع رايات الحق في وجه الطغيان العالمي، وتعلو صرخات المستضعفين في مواجهة قوى الاستكبار المتغطرسة أمريكا وإسرائيل، تتجلّى معاني هذه الآية المباركة بأبهى صورها. لم تعد معركة الحق مع الباطل مقتصرة على زمنٍ مضى، بل هي حيّة نابضة، تتكرّر في كل جيل، ونحن اليوم جزءٌ من هذا الامتداد الرسالي.

 

الجنّة تحتاج إلى عملك، لا مجرد دعائك؛ إلى قلمك حين يُسخّر للحق، ولسانك حين ينطق بالهدى، ومالك حين يُبذل في نصرة المظلومين، وعضدك حين يشتدّ في خدمة قضايا الأمة. لكن فوق ذلك كله، تحتاج إلى روحٍ مؤمنة صادقة، مستعدة أن تمضي على درب الشهداء، أن تفتدي الدين بالنفس والنفيس، أن تهب الحياة لله دون تردّد.

 

أليس هذا هو درب الأنبياء؟ أليست هذه هي سيرة الشهداء والعظماء الذين نالوا رضوان الله، لأنهم “عملوا”، ولم يكتفوا بالمشاهدة والتأثر؟ إنهم الذين كتبوا بدمائهم فصول الكرامة، وخطّوا في جبهات المواجهة ملحمة المجد، وكانوا بحق “العاملين” الذين نِعم أجرهم الجنّة.

 

يا أبناء الأمة…

في زمن التزييف والتخاذل، العمل للحق صار برهان صدق، وصار معيار الولاء. وكل تقصير، وكل حياد، هو سهم في خاصرة قضايانا الكبرى. فلنكن ممّن استجابوا لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم، ولنحمل أمانة الكلمة، وأمانة الموقف، وأمانة الدم الطاهر، ونعمل… نعمل بكل ما أوتينا من قوة، فالجنّة تنتظر العاملين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى