غزة… موطئٌ يغيظ الكفار، ومسيرةٌ يكتب الله بها عملًا صالحًا
بقلم/ بشير ربيع علي الصانع
حين يخرج الناس في مسيرةٍ تهتف للحق، وتناصر المظلوم، وتصرخ بوجه الطغاة، فإنهم لا يخرجون عبثًا، بل يسيرون في طريقٍ تعبّده القرآن، ويرتّب الله عليه الأجر والثواب.
{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْـمُحْسِنِينَ}
إنّ كل خُطوةٍ تُداس في سبيل الله، كل عَرقٍ يتصبب من أجل كلمة الحق، كل صرخة تُطلق في وجه الظلم، يكتب الله بها أجرًا لا يضيع.
فكيف إذا كان الموطن غزة، وهي الجرح النازف، والموضع الذي يُغيظ الكفار؟
كيف إذا كانت الكلمات تصدح لأجلها، والهتافات تتعالى من أجل قضيتها؟
إنها أرض العزة، التي صارت ببركة صمود أهلها موطئًا يغيظ الأعداء، ويحرّك ضمائر الأحرار في كل مكان.
حين تخرج الجماهير في مسيرةٍ لأجل غزة، فإنهم في الحقيقة لا ينالون من العدو نيلًا بالكلمة أو بالصرخة أو بالموقف إلا كتب الله لهم بها عملًا صالحًا.
ذلك العمل لا يُنسى، يُكتب، يُحفظ، يُثاب عليه.
لأن الله لا يضيع أجر المحسنين.
يا من خرجتم وتهتفون لفلسطين،
يا من رفعتم رايات النصر وصدحتم بالتكبير،
كلُّ ما أصابكم من تعبٍ أو عناءٍ أو حرارة شمسٍ أو زحمة طريق… لا يضيع.
بل هو محفوظ في سجل المحسنين.
ليس الجهاد فقط في ميدان السلاح، بل كل من نصر الحق بكلمة، أو شارك في مسيرةٍ، أو دعم قضيته، فهو مجاهد في سبيل الله.
غزة اليوم تمثّل الموطئ الذي يثير في صدور الأعداء غيظًا، ويقضّ مضاجعهم، وما من مؤمنٍ يسير نصرة لها، إلا ويدوّن اسمه في سجل الأبطال الذين نالوا الشرف من أقرب طريق: طريق الإحسان، والعمل الصالح، والولاء لقضايا الأمة.
فلا تحقروا من المسيرات شيئًا.
ولا تستهينوا بصوتٍ يرتفع لأجل الحق.
ولا تظنوا أن العدو لا يتأذّى.
بل إنهم يغيظهم كل موطئٍ يُطأ، وكل حشدٍ يتجمّع، وكل رايةٍ تُرفع.
إنها غزة… موطن العزة، ومحراب الجهاد، وميدان الامتحان.
فكونوا على العهد، واستمروا في الخروج، فإن خروجكم ليس مجرّد حماسٍ مؤقت، بل هو من جملة الأعمال الصالحة التي تُكتب في صحائفكم، وتراها أعينكم يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}