**(بداية النصر صرخة)**  

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم _ عبد الإله عبد القادر الجنيد

 

 

ما كان لأولئك الذين اتَّخَذُوا العِجْلَ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللهِ ظُلْمًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ بِكُفْرِهِمْ، أَنْ يَعُودُوا عَنْ غَيِّهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا عَاقِبَةَ السَّامِرِيِّ المُخْزِيَةَ، وَمَا آلَ إِلَيْهِ حَالُهُ، وَكَيْفَ أَحْرَقَ نَبِيُّ اللهِ مُوسَى ــ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَآلِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ ــ عِجْلَهُمُ الَّذِي ظَلُّوا لَهُ عَاكِفِينَ، وَنَسَفَهُ فِي اليَمِّ نَسْفًا، وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا.

 

فَلَمْ يَنْزَجِرُوا، بَلِ ازْدَادُوا عُتُوًّا وَنُفُورًا، وَكُفْرًا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَبَغْيًا عَلَى بَغْيِهِمْ، وَظُلْمًا عَلَى ظُلْمِهِمْ.

 

وَلَكِنَّهُمْ قَدْ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ، فَسَعَى طَوَاغِيتُهُمْ وَشَيَاطِينُهُمْ وَمُجْرِمُوهُمْ لِتَقَمُّصِ شَخْصِيَّةِ السَّامِرِيِّ وَالإِقْدَامِ عَلَى صِنَاعَةِ عِجْلٍ آخَرَ يُلَبِّي رَغَبَاتِهِمْ وَيَخْدِمُ مَصَالِحَهُمْ، وَيَعْبُدُ النَّاسُ لَهُمْ. بَيْدَ أَنَّهُمْ تَحَوَّلُوا مِنْ صِنَاعَةِ العُجُولِ المَنْحُوتَةِ وَالمُشَكَّلَةِ مِنَ المَوَادِّ المُخْتَلِفَةِ، إِلَى صِنَاعَةِ إِنْتَاجِ عُجُولٍ بَشَرِيَّةٍ.

 

يُعَدُّ الشَّيْطَانُ الأَمْرِيكِيُّ العِجْلَ الأَكْبَرَ الَّذِي تَخْضَعُ لَهُ بَقِيَّةُ العُجُولِ المُتَسَلِّطَةِ عَلَى شُعُوبِهَا، وَتَظَلُّ شُعُوبُ الأُمَّةِ عَاكِفَةً عَلَى عِبَادَتِهَا. وَبِالمُقَابِلِ، تَظَلُّ تِلْكَ العُجُولُ عَاكِفَةً عَلَى عِبَادَةِ العِجْلِ الأَمْرِيكِيِّ الأَكْبَرِ، وَخَاضِعَةً لَهُ، وَمُسَلِّمَةً لِأَمْرِهِ، وَفِي خِدْمَتِهِ وَخِدْمَةِ مَشَارِيعِهِ وَمَصَالِحِهِ.

 

وَهَكَذَا هُوَ حَالُ أُمَّةٍ تَخَلَّتْ عَنْ دِينِهَا، وَتَوَلَّتْ عَنْ قُرْآنِهَا، وَأَعْرَضَتْ عَنْ قَادَتِهَا الرَّبَّانِيِّينَ وَأَعْلَامِ الهُدَى. وَحِينَئِذٍ أُشْرِبَتْ فِي قُلُوبِ أَبْنَائِهَا العِجْلَ بِكُفْرِهَا بِنِعَمِ رَبِّهَا.

 

فَلَمَّا كَانَ مَا كَانَ مِنْهَا، خُضِعَتْ وَرُضِخَتْ وَذَلَّتْ وَهَانَتْ وَرُكِعَتْ لِسَامِرِيِّ هَذِهِ الأُمَّةِ، المُتَمَثِّلِ بِالكِيَانِ الصِّهْيُونِيِّ الإِسْرَائِيلِيِّ اليَهُودِيِّ الغَاصِبِ لِأَرْضِ فِلَسْطِينَ، وَالنَّاهِبِ لِخَيْرَاتِهَا، وَالقَاتِلِ لِرِجَالِهَا وَنِسَائِهَا وَأَطْفَالِهَا وَشَبَابِهَا، وَالمُحَاصِرِ لَهُمْ لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ وَإِبَادَتِهِمْ، بِرِضًا وَمُوَافَقَةٍ وَتَمَاهٍ وَمُشَارَكَةٍ مِنْ عُجُولِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَصَمْتٍ وَذُلٍّ وَاسْتِكَانَةٍ وَهُوَانٍ مِنْ شُعُوبِ أُمَّتِنَا العَاكِفِينَ عَلَى عِبَادَةِ عُجُولِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، خَوْفًا مِنْ غَضَبَتِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَغَضَبِ العِجْلِ الأَمْرِيكِيِّ الأَكْبَرِ عَلَى تِلْكَ العُجُولِ.

 

وَفِي هَذَا الزَّمَنِ المَكْظُوظِ بِالعُجُولِ وَهَيْمَنَةِ العِجْلِ الأَمْرِيكِيِّ الأَكْبَرِ، وَطُغْيَانِ وَبَغْيِ وَجَوْرِ وَظُلْمِ السَّامِرِيِّ الصَّنَمِ الأَكْبَرِ الَّذِي يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، وَيُخَوِّفُ وَيُذِلُّ وَيُرْعِبُ عِبَادَ اللهِ، كَانَ السَّيِّدُ القَائِدُ الشَّهِيدُ المُؤَسِّسُ الحُسَيْنُ بْنُ بَدْرِ الدِّينِ الحُوثِيُّ ــ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ ــ يُسَابِقُ الزَّمَنَ لِتَخْلِيصِ الأُمَّةِ مِنَ السَّامِرِيِّ، وَإِحْرَاقِ العِجْلِ الأَمْرِيكِيِّ الأَكْبَرِ وَنَسْفِهِ فِي البَحْرِ.

 

فَابْتَدَأَ مَسِيرَتَهُ القُرْآنِيَّةَ بِشِعَارِ صَرْخَتِهِ النُّورَانِيَّةِ:

**”اللهُ أَكْبَرُ، المَوْتُ لِأَمْرِيكَا، المَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ، اللَّعْنَةُ عَلَى اليَهُودِ، النَّصْرُ لِلإِسْلَامِ”**،

 

فِي وَجْهِ الطُّغَاةِ وَالمُسْتَكْبِرِينَ، فَاسْتَنْهَضَ بِصَرْخَتِهِ الأُمَّةَ، وَأَقَضَّ مَضَاجِعَ السَّامِرِيِّ وَعُجُولِهِ، وَزَلْزَلَ عُرُوشَهُمْ.

 

وَحِينَئِذٍ أَعْلَنُوا حُرُوبَهُمْ لِلْقَضَاءِ عَلَى قِيَادَتِنَا الرَّبَّانِيَّةِ، وَإِسْكَاتِ صَرْخَتِنَا النُّورَانِيَّةِ، وَإِخْمَادِ جَذْوَةِ مَسِيرَتِنَا القُرْآنِيَّةِ.

 

فَكَانُوا كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلحَرْبِ، احْتَرَقُوا بِنِيرَانِهَا، وَانْقَلَبَتْ وَبَالًا عَلَيْهِمْ وَهَزَائِمَ بِإِذْنِ اللهِ وَحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، وَأَوْرَثَتْ عِبَادَ اللهِ الصَّالِحِينَ الصَّارِخِينَ المُؤْمِنِينَ السَّائِرِينَ عَلَى مَسِيرَتِهِ وَمِنْهَاجِ القُرْآنِ الكَرِيمِ عِزًّا وَنَصْرًا وَتَمْكِينًا، تَصْدِيقًا لِوَعْدِ اللهِ الحَتْمِيِّ لِحِزْبِهِ الغَالِبِينَ.

 

بَيْدَ أَنَّهُمْ كَانُوا كُلَّمَا سَقَطَ عِجْلٌ مِنْ عُجُولِهِمْ، تَدَاعَتْ لَهُ سَائِرُ العُجُولِ بِالدَّعْمِ وَالإِسْنَادِ. وَلَكِنَّهَا سُنَّةُ اللهِ فِي أَعْدَائِهِ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ الأَسْفَلِينَ، وَكَتَبَ عَلَيْهِمُ الفَشَلَ وَالهَزَائِمَ وَالوَيْلَ وَالثُّبُورَ وَالخُسْرَانَ المُبِينَ.

 

فَلَمَّا لَمْ تُفْلِحْ كُلُّ تِلْكَ العُجُولُ عَلَى كَثْرَتِهَا وَقُوَّتِهَا، وَبِمَا تَمْلِكُ مِنْ أَسْلِحَةٍ وَمَالٍ وَأَدَوَاتٍ وَمُنَافِقِينَ، فِي القَضَاءِ عَلَى أَعْلَامِ الهُدَى، قَادَةِ مَسِيرَةِ اللهِ وَأَبْنَاءِ أُمَّةِ أَنْصَارِ اللهِ، لِأَنَّهُمُ الأَعْلَوْنَ بِكَلِمَةِ اللهِ العُلْيَا، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى، أَبَى وَاسْتَكْبَرَ العِجْلُ الأَمْرِيكِيُّ الأَكْبَرُ، وَجَاءَ لِيَنْتَصِرَ لِلسَّامِرِيِّ، وَيُحَقِّقَ انْتِصَارًا عَجَزَتْ عَنْ تَحْقِيقِهِ عُجُولُهُ وَأَدَوَاتُهُ وَمُنَافِقُوهُ وَمُرْتَزَقَتُهُ. وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ يُسَاقُ إِلَى نِهَايَتِهِ، حَيْثُ سَيُسْحَقُ وَيُهْلَكُ وَيُغْرَقُ وَيُقْبَرُ.

 

فَتَمَادَى فِي عُدْوَانِهِ وَظُلْمِهِ وَإِجْرَامِهِ، فَخَابَ وَخَسِرَ، وَبَاتَ اليَوْمَ بِفَضْلِ اللهِ أَعْجَزَ مِنْ أَنْ يَسْتَنْقِذَ نَفْسَهُ مِنْ وَرْطَتِهِ الَّتِي لَنْ يَنْجُوَ مِنْهَا، وَمُسْتَنْقَعٍ يَبْدُو أَنَّ نِهَايَتَهُ حَانَتْ وَبَاتَتْ وَشِيكَةً عَلَى أَيْدِي أَوْلِيَاءِ اللهِ.

 

وَكَيْفَ لِعَاجِزٍ لَيْسَ بِمَقْدُورِهِ أَنْ يَسْتَنْقِذَ نَفْسَهُ أَنْ يَنْتَصِرَ وَيُنْقِذَ كِيَانَ السَّامِرِيِّ الأَوْهَنِ مِنْ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ مِنْ بَأْسِ رِجَالِ اللهِ وَضَرَبَاتِهِمُ المُنَكِّلَةِ بِهِ؟ وَتِلْكَ حَامِلَاتُ طَائِرَاتِهِ فِي البَحْرِ لَا تَقْدِرُ عَلَى رَدِّ بَأْسِ اللهِ، وَتِلْكَ هِيَ نِهَايَةُ كُلِّ عِجْلٍ بِمُقْتَضَى حُكْمِ اللهِ وَسُنَّتِهِ الَّتِي لَنْ تَجِدَ لَهَا تَبْدِيلًا وَلَا تَغْيِيرًا. وَتِلْكَ هِيَ نِهَايَةُ السَّامِرِيِّ الَّذِي أَضَلَّ الأُمَّةَ وَشُعُوبَ العَالَمِ بِأَسْرِهَا.

 

وَهَا هُوَ اليَوْمَ السَّيِّدُ القَائِدُ الرَّبَّانِيُّ الحَكِيمُ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ بَدْرِ الدِّينِ الحُوثِيُّ ــ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ وَحَفِظَهُ اللهُ وَأَبْقَاهُ وَنَصَرَهُ وَأَيَّدَهُ ــ يَقُولُ لِلسَّامِرِيِّ بِقَوْلِ نَبِيِّ اللهِ مُوسَى:

**[قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا]**

**طه – آية (97).**

 

وَخِتَامًا، فَإِنَّ صَرْخَةَ “اللهُ أَكْبَرُ” بَدَّدَتِ الخَوْفَ مِنْ طُغَاةِ الأَرْضِ وَمُجْرِمِيهَا، وَعَزَّزَتْ لَدَى المُؤْمِنِينَ مَعْرِفَةَ اللهِ وَالخَوْفَ مِنْهُ وَمُوَالَاةَ أَوْلِيَاءِ اللهِ وَمُعَادَاةَ أَعْدَاءِ اللهِ. وَكَانَتْ بَدَايَةً وَمِفْتَاحًا لِلنَّصْرِ وَالفَتْحِ المُبِينِ. يَجْدُرُ بِأَبْنَاءِ أُمَّتِنَا الشُّرَفَاءِ الكِرَامِ أَنْ يَرْفَعُوهَا وَيَتَّخِذُوهَا شِعَارًا يُزَلْزِلُ عُرُوشَ المُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ وَالطُّغَاةِ الظَّالِمِينَ.

 

**وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ**

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*اللهُ أَكْبَرُ*

*الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا*

*الْمَوْتُ لِإِسْرَائِيلَ*

*اللَّعْنَةُ عَلَى الْيَهُودِ*

*النَّصْرُ لِلْإِسْلَامِ*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى